قراءة في المســــــرح

   ذ. رشيد ابراهيمي 
المسرح هو فن من الفنون الجميلة وهو ظاهرة إنسانية يقوم على تجسيد الحياة الإنسانية ومتغيراتها فهو يجعل من مشاكل الإنسان مواضيعا له ، وفن المسرح هو فن للمفارقة لكونه يتقاطع مع مجموعة من الفنون الأخرى سواء ما يتعلق باللغة أو ما يتعلق بالفرجة ، وبعودتنا الى اللغة التي يقوم عليها المسرح نجد أنه نص والنص هو نوع من الإشتغال على اللغة ولأجل البحث عن خصوصية المسرح والتي يصطلح عليها بالتمسرح  ،نجد بعض الباحثين من حاولوا البحث عن هذه الخصوصية انطلاقا من البعد اللساني للمسرح خصوصا منهم الأسلوبيين الذين اعتمدوا على الأسلوب اللغوي الذي كتب به النص والذي يعتمد على الأسلوب الدرامي ، وهناك من ربطه من الناحية الأجناسية بالرواية حيث نجد أن ً أوبرسفيلد ً تقول بأنه يمكن دراسة المسرح كما تدرس الرواية على اعتبار أن الرواية تتضمن نفس العناصر التي يحتويها النص المسرحي ؛ إلا أن ما يعاب على هذا الطرح هو كونه ينفي خصوصية النص المسرحي على اعتبار أن خصوصيته لا يمكن ربطها بأي جنس أدبي ٱخر . وهناك من يشتغل في المسرح على الحوار والذي تطرق له بالخصوص التداوليون حيث قامت أوبرسفيلد بالتمييز بين العناصر التلفظية أي الملفوظ وشروطه وأيضا على العناصر التخاطبية أي الخطاب القائم بين المتحاورين والتداولية التحاورية على اعتبار أن المسرح قائم أساسا على الحوار وبالتالي اعتبار هذا الأخير موضوعا من أجل دراسة النص المسرحي  . وبالنسبة للمقاربة الأسلوبية فهي تعمل على اللغة الدرامية التي جاء بها النص ، وبخصوص السميولوجيين فقد اعتمدوا على النص المسرحي في دراساتهم من أجل البحث عن عوالمه وخصوصيته على اعتبار أن النص المسرحي يتضمن مجموعة من العلامات اللغوية ، أما البعد الأنتربولوجي فقد تناول المسرح كونه يعكس ثقافة مجتمع معين لأنه يجسد عادات وتقاليد المجتمع وبالتالي يمكن الإعتماد عليه من أجل فهم أكثر لخصوصيات ذلك المجتمع ؛ إلا أن ما يلاحظ على هذه المقاربة التي تناولت المسرح ، تعتمد بالأساس على الجانب المكتوب فيه أي النص حيث اعتمدت على اللغة التي جاء بها هذا النص من أجل البحث عن خصوصية التمسرح وهي بذلك أهملت عنصرا ٱخر في العملية المسرحية والمتمثل أساسا في العرض أي في الأداء على الخشبة من هنا تبقى هاته المقاربات عن البحث عن خصوصية التمسرح قاصرة عن تحديد ميزة التمسرح .: بينما هناك مقاربات أخرى تعتمد في بحثها عن خصوصية التمسرح على العرض وذلك بربطه بفنون الفرجة ؛ كفن الرقص والسحر وأقامت علاقات بينهما ، حيث يتم التمييز في المسرح بين ما هو درامي وما هو كوميدي هذا الأخير مرتبط بماهو فكاهي أي الجانب الذي له علاقة بالضحك في الأداء المسرحي ، وهناك من ربط الأداء المسرحي بالسحر إذ أن الممثل وهو يلعب فوق الخشبة فهو بمثابة ساحر لأنه يعزف على وتر التشويق ويجعل الجمهور في شوق لما سيأتي من الأحداث ، ويبقى الغرض من العرض المسرحي هو تحقيق المتعة للمتفرج وتتجلى هذه المتعة أو لذة تذوق العرض المسرحي في قدرة الممثل على خلق عوالم للجمهور فوق الخشبة تجعلهم ينسجون خيالات معه .
عموما فالمسرح كما تقول ٱن أوبرسفيلد يبقى فن المفارقة على اعتبار أنه تتقاطع معه جميع الفنون الأدبية الأخرى ، إضافة إلى كون العلوم الحقة تستعين بالفعل المسرحي في كثير من الأحيان ، ولأن المسرح قائم على ثنائية النص العرض لا يمكن فصلهما أي دراسة جانب منه مع إهمال الجانب الٱخر. 
google-playkhamsatmostaqltradent