مراسلة:ذ.محسن زردان - كاتب وباحث -
ميثاق المسؤولية، هكذا عنونت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني الإجراء الجديد الذي تنوي من خلاله توقيع عقود تتضمن حزمة من المبادئ والقواعد الأخلاقية والمهنية والإدارية مع مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وكذا مديري المديريات الإقليمية، الهدف منها الالتزام بمقتضياتها، كمعايير لتقييم أدائهم المهني.
إن صيغة التعاقد هي لغة جديدة ، قد يراد منها مسايرة توجهات ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحديد الحقوق والواجبات، وفي الآن نفسه محاولة رسم قطيعة مع الممارسات السابقة التي شابت تنزيل المخطط الاستعجالي، الذي أُعْلِنَ عن فشله الذريع، أكدته بشكل جلي تقارير المجلس الأعلى للحسابات، التي أماطت اللثام عن اختلالات كبيرة في التدبير الإداري والمالي والتربوي.
لكن المتأمل الحصيف لمضامين المبادئ والقواعد التي جاء بها ميثاق المسؤولية، يستنتج أنها عائمة في العموميات، صيغت بمصطلحات فضفاضة وضبابية قابلة لمجموعة من التأويلات (الحكامة الجيدة، التدبير المعقلن والرشيد، فضائل الأخلاق...)، تبتعد كليا عن تسطير معايير دقيقة قابلة للقياس، حينئذ يتساءل المرء، كيف يمكن إذن تقييم المردود والأداء المهني للمسؤولين في غياب الإشارة للمؤشرات العلمية لهذا التقييم الذي تعقبه المحاسبة.
من جانب آخر، صيغة العقود الموقعة، لا تتضمن إشارة لا من قريب و لا من بعيد إلى السقف الزمني لتلك التعاقدات، مما يجعل المجال مفتوحا وغامضا، ويفقد التعاقد مصداقيته، ليغدو بذلك مجرد فرقعة إعلامية للاستهلاك ليس إلا.
إذا كانت الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، تروم الارتقاء بالمنظومة التعليمية، فإن بوادر تنزيل الهيكلة الجديدة للأكاديميات والمديريات الإقليمية في بدايتها تبدو مقلقة، حيث تم تدعيم الهيكلة بأقسام ومصالح جديدة، هناك من رأى فيها تخمة زائدة لتبذير الأموال العمومية، بينما رأى فيها آخرون ضرورة تقتضيها سياسة اعادة التقسيم الجهوي الجديد الذي سيتم بموجبه تفويض أغلب الاختصاصات للجهات.
لكن طريقة تدبير هذه المرحلة تطرح عديد الأسئلة، حول القيام بتكليف مسؤولين مؤقتين على رأس الأقسام والمصالح الجديدة، يرجح أن يتم تثبيتهم في مناصبهم، بعد فتح المباريات في وجه المتبارين، الذين ستتضاءل حظوظهم بشكل كبير، نظرا لاستفادة المكلفين من نقط امتياز تعزز ملفاتهم، مما يقتل في الصميم مبدأ تكافؤ الفرص، ويتعارض مع القوانين الجاري بها العمل، خصوصا وأن منح التكليفات تحوم حولها شكوك عديدة ترتبط بالمعايير المعتمدة، خاصة إذا ما علمنا أن مسؤولين ورؤساء سابقين، تم منحهم تكليفات للإشراف على مصالح محدثة في الهيكلة الجديدة، تتنافى مع مهامهم السابقة، وبعيدة كل البعد عن مجال اختصاصهم، وبالتالي نتساءل عن أية حكامة نتحدث.
في هذه الأثناء، تعيش الأكاديميات الجهوية والمديريات الاقليمية المحدثة تَيْهًا غير مسبوق، خصوصا وأن الأمر يتعلق بمرحلة انتقالية، على إثرها تم تعيين مدراء أكاديميات جدد، ما زالوا يعيشون ارتباكا نظرا لصعوبة المرحلة، كما أن الوزير الوصي على القطاع قليل الظهور، مما يجعل حضوره غير ملموس في فترة تفترض منه التنقل عبر الجهات لمعالجة المشاكل المطروحة.
بقلم محسن زردان - كاتب وباحث -
ميثاق المسؤولية، هكذا عنونت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني الإجراء الجديد الذي تنوي من خلاله توقيع عقود تتضمن حزمة من المبادئ والقواعد الأخلاقية والمهنية والإدارية مع مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وكذا مديري المديريات الإقليمية، الهدف منها الالتزام بمقتضياتها، كمعايير لتقييم أدائهم المهني.
إن صيغة التعاقد هي لغة جديدة ، قد يراد منها مسايرة توجهات ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحديد الحقوق والواجبات، وفي الآن نفسه محاولة رسم قطيعة مع الممارسات السابقة التي شابت تنزيل المخطط الاستعجالي، الذي أُعْلِنَ عن فشله الذريع، أكدته بشكل جلي تقارير المجلس الأعلى للحسابات، التي أماطت اللثام عن اختلالات كبيرة في التدبير الإداري والمالي والتربوي.
لكن المتأمل الحصيف لمضامين المبادئ والقواعد التي جاء بها ميثاق المسؤولية، يستنتج أنها عائمة في العموميات، صيغت بمصطلحات فضفاضة وضبابية قابلة لمجموعة من التأويلات (الحكامة الجيدة، التدبير المعقلن والرشيد، فضائل الأخلاق...)، تبتعد كليا عن تسطير معايير دقيقة قابلة للقياس، حينئذ يتساءل المرء، كيف يمكن إذن تقييم المردود والأداء المهني للمسؤولين في غياب الإشارة للمؤشرات العلمية لهذا التقييم الذي تعقبه المحاسبة.
من جانب آخر، صيغة العقود الموقعة، لا تتضمن إشارة لا من قريب و لا من بعيد إلى السقف الزمني لتلك التعاقدات، مما يجعل المجال مفتوحا وغامضا، ويفقد التعاقد مصداقيته، ليغدو بذلك مجرد فرقعة إعلامية للاستهلاك ليس إلا.
إذا كانت الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، تروم الارتقاء بالمنظومة التعليمية، فإن بوادر تنزيل الهيكلة الجديدة للأكاديميات والمديريات الإقليمية في بدايتها تبدو مقلقة، حيث تم تدعيم الهيكلة بأقسام ومصالح جديدة، هناك من رأى فيها تخمة زائدة لتبذير الأموال العمومية، بينما رأى فيها آخرون ضرورة تقتضيها سياسة اعادة التقسيم الجهوي الجديد الذي سيتم بموجبه تفويض أغلب الاختصاصات للجهات.
لكن طريقة تدبير هذه المرحلة تطرح عديد الأسئلة، حول القيام بتكليف مسؤولين مؤقتين على رأس الأقسام والمصالح الجديدة، يرجح أن يتم تثبيتهم في مناصبهم، بعد فتح المباريات في وجه المتبارين، الذين ستتضاءل حظوظهم بشكل كبير، نظرا لاستفادة المكلفين من نقط امتياز تعزز ملفاتهم، مما يقتل في الصميم مبدأ تكافؤ الفرص، ويتعارض مع القوانين الجاري بها العمل، خصوصا وأن منح التكليفات تحوم حولها شكوك عديدة ترتبط بالمعايير المعتمدة، خاصة إذا ما علمنا أن مسؤولين ورؤساء سابقين، تم منحهم تكليفات للإشراف على مصالح محدثة في الهيكلة الجديدة، تتنافى مع مهامهم السابقة، وبعيدة كل البعد عن مجال اختصاصهم، وبالتالي نتساءل عن أية حكامة نتحدث.
في هذه الأثناء، تعيش الأكاديميات الجهوية والمديريات الاقليمية المحدثة تَيْهًا غير مسبوق، خصوصا وأن الأمر يتعلق بمرحلة انتقالية، على إثرها تم تعيين مدراء أكاديميات جدد، ما زالوا يعيشون ارتباكا نظرا لصعوبة المرحلة، كما أن الوزير الوصي على القطاع قليل الظهور، مما يجعل حضوره غير ملموس في فترة تفترض منه التنقل عبر الجهات لمعالجة المشاكل المطروحة.
بقلم محسن زردان - كاتب وباحث -