هذه هي أسباب فشل المنظومة التربوية بالمغرب

في السنوات الخمس عشرة الأخيرة تمّ تجريبُ عدد من "الوصفات" من طرف الدولة لإنقاذ التعليم، كانَ آخرَها البرنامج الاستعجالي، الذي كلّف خزينة المملكة 33 مليار درهم، دُونَ أنْ تفضيَ إلى أيّ نتيجة، بلْ إنّ واقعَ المنظومة ما فتئ يزدادُ سوءًا، وذلك باعتراف الوزير الحالي رشيد بلمختار؛ ولا يلوحُ في الأفق المنظور أيّ حلّ لإخراج المدرسة المغربية من "مأزقها" الحالي.

وفي الوقت الذي ما زالَ النقاشُ العمومي حوْلَ إصلاح المنظومة التربوية لمْ ينفذْ إلى العُمْق، وما زالَ يدُورُ حوْلَ مسألة لغات التدريس، يَرى الأستاذ حفيظ زرزان أنَّ أساسَ المشاكل التي تتخبطُ فيها المدرس المغربية هُو غيابُ مراكزَ متخصصة مستقلة، تشتغلُ في هذا المجال، وإنْ وُجدتْ -يُردف المتحدّث- فهي مكاتبُ مؤدّى عنها، تقدّم خدماتها لجهات مستفيدة بمقابل.

عدمُ وجودِ استمراريةٍ في عمل الوزراء المشرفين على قطاع التربية الوطنية، واحد من المشاكل الأساسية التي تتخبط فيها المدرسة المغربية؛ ويقول زرزان في هذا الصدد: "كلما جاء وزير "سيادي" في إطار تجديد الأدوار وتغيير الواجهات إلا وحمل معه رُزنامة جديدة من الصفقات والتشريعات والطرق، تناقض من سبقه، فتحول التعليم إلى حقل تجارب، وتكررت وعود الإصلاح السرابية بإخراج آخر".

من جهته قالَ عبد الإله المهدبة، أستاذ الفلسفة بالتعليم الثانوي التأهيلي، إنّ من أسباب فشل البرامج والمقاربات الإصلاحية الرامية إلى إصلاح المنظومة التربوية، التي جرَى تجريبُها إلى حدّ الآن، هو أنها تفتقرُ إلى الملاءمة مع واقع القطاع في المغرب. وأضافُ المتحدث سببا آخر، وهو تغليب منطق المقاربات التجزيئية في الإصلاح التربوي دون مراعاة ضرورة القيام بدراسات واقعية حول واقع المجال، لتحديد المعيقات والاختلالات الحقيقية.

ويرى أستاذ الفلسفة أنَّ تنزيل البرامج الإصلاحية يتسّمُ بالتذبذب، بسبب غياب رؤية ومخطط مرحلي، يراعي التراتبية في تحقيق النتائج المرجوّة، وهُو ما يؤدّي إلى عدم تطبيقها فعليا، وينضاف إلى ذلك -يستطرد المتحدث- عدم إشراك الفاعلين والمهتمين بمجال التربية والتكوين، من هيئات إعلامية، ونخب مثقفة، وباحثين في علوم التربية، وخاصة أطر القطاع في الإدارة والتدريس، في بناء مقاربة إصلاحية تنبع من أصالة ومرجعيات ترتبط بواقع التعليم بالمغرب.

وفي الوقت الذي يتمّ التركيز، حاليا، على الجانب البيداغوجي، يقول عبد الإله المهدبة إنَّ ثمّة حاجة إلى تطوير وتجديد البنيات التحتية حتى تكون ملائمة ومسايرةً للمستجدات والتطورات الراهنة، معتبرا أنَّ البرامج الحكومية المنجزة في هذا المجال هزيلة. ويُضيف المتحدث إلى هذا العامل عاملا آخر، وهو ضعف مستوى تكوين وتأهيل الأطر المتخصصة في تدريس المواد المدرسية، وهو ما يستدعي -برأيه- إعادة النظر في العدة البيداغوجية لتكوين خريجي مراكز التعليم، وفق خطة تتماشى والمقاربات المعتمدة في الإصلاح التربوي.
لمعرفة سبل الإصلاح اضغط على الرابط أسفله:
google-playkhamsatmostaqltradent