هل نصف ساعة كافية لانتقاء نائب إقليمي لوزارة التربية الوطنية؟
مراسلة : سعيد الشقرونيأتى على الإنسان حين من الدهن لم يكن فيه سر تعيين النواب مذكورا، وربما إلى حدود سنوات أخيرة من عمر "الإصلاح" كانت وزارة التربية الوطنية قد أصدرت بناء على المذكرة الوزارية رقم 03 الصادرة بتاريخ 6 يناير 2009، ( التي تزامنت مع توسيع وعاء المستفيدين من منصب النائب بموجب المرسوم رقم 2.09.319 بتاريخ 11 يونيو 2009 والمنشور بالجريدة الرسمية حول التقسيم الإداري الجديد للمملكة) بلاغا صحفيا لانتقاء "رعاة" أولين على تدبير القطاع بأقاليم المملكة، أشار إلى أن عملية الانتقاء الأولي ستتم تحت إشراف لجنة مركزية مرفقة بإحداث لجن ثلاثية، لإجراء مقابلات مكونة من مديرين للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ومديرين مركزيين، وخبراء في ميدان التسيير والتدبير، لاختيار مترشحين ينتمون إلى مختلف الهيئات العاملة بقطاع التعليم المدرسي من مفتشين تربويين، ومفتشي التوجيه والتخطيط التربوي، ومتصرفين، ومهندسين و"أطر التدريس؟"، مع تأكيد الوزارة عزمها على تعزيز كفاءات النواب الجدد، من خلال تنظيم دورات تكوينية لدعم قدراتهم التدبيرية.
ومع العلم أن الفئة المُترشحة لهذه المناصب والمؤهلة للانتقاء كانت في البداية رؤساء أقسام ومصالح، لتضاف إليها فئة المفتشين بعد احتجاجات لهم في الموضوع، خصوصا وأن منصب نائب في نسخته "السيادية" الأولى -مع مناصب أخرى قريبة- كان منصبا سياسيا وَقْفا على من يقدمون خدمات لزعيم سياسي، أو "كاراجات" لسد عطالة بعض المسؤولين، أو إرضاءات لهذا الطرف أو ذلك حتى وإن كان أستاذا، دون أن ننسى بأن صنفا ايديلوجيا معينا هيمن ولا يزال بشكل من الأشكال على مثل المناصب؛ وبطبيعة الحال للمجدين والمجتهدين من أبناء الشعب نصيب رباني وفق الاستثناء الذي لا يؤسس للقاعدة..
ولأن الشرط في التحليل النقدي هو فتح النقاش أتساءل:
- كم هو عدد الذين قدموا طلباتهم لشغل منصب نائب بالقطاع؟ وكم عدد الذين تم رفض ملفاتهم في عملية الانتقاء الأولي؟ وهل أُخبروا بسبب الرفض؟ وهل يعود سبب الرفض إلى طبيعة المشاريع التي اقترحوها أم إلى طبيعة إطاراتهم الوظيفية؟
- وهل الذين تم انتقاؤهم الآن في مأمن من "الصراط" المُنْتَظَر؟ وهل ستكون مشاريعهم كافية لإدخالهم المنصب الموعود؟
- لكن عن أية مشاريع نتكلم؟ هل المشاريع التي يتقدم بها المعني بالأمر مرة أو مرتين؟ أم المشاريع المنقولة بسند صحيح عن الشيخ كوكل Google ورفاقه؟ ألا نستطيع أن نتحدث الآن عن مشروع يتجاوز الجاهز، ليتأسس على حقيقة ما يمور في الواقع التعليمي..؟
- أي مشروع تحتاجه اللجنة؟ وهل هناك معايير محددة لهذه المشاريع "مناط التباري" خصوصا وأن مكان تعيين النواب غير محدد؟ بمعنى هل المشروع المقترح لمدينة يغلب عليها الطابع الحضري يشبه نظيره المتعلق بالعالم القروي بأنواعه المعروفة؟ هل هذه المشاريع المقدمة من قبل نواب المستقبل صالحة لمدن من قبيل الرشيدية ووزازات وتاونات والرباط والحاجب والقنيطرة وغيرها من المدن..؟ ومن هو هذا النائب "المحظوظ" ليدير إقليما مثل تاونات أو الرشيدية والحوز ومراكش..؟
- ما دور الشهادة الجامعية: دكتوراه أو ماستر أو إجازة أو ما يعادلها باعتبارها معيارا يفترض أن يؤخذ بعين الاعتبار في التنقيط والترتيب؟ كيف يمكن أن تفيد شهادة الدكتوراه في الفيزياء أو اللغة العربية أو علوم الحياة والأرض –مع كامل الاحترام لحامليها- في مساعدة نائب القطاع على إدارة قطاع إقليمي تابع للإدارة الجهوية؟ وما موقع حاملي مثل هذه الشهادات المتوفرين على خبرات تنظيمية وتدبيرية في هيآت جمعوية وما شاكلها؟
- ما نصيب الأحزاب السياسية في تزكية المُترشحين –كما كانت تفعل سابقا في مكافأة "مخلصيها- لمنصب نائب على غرار ما يفعل في عملية انتقاء مدراء الأكاديميات؟
- هل سيكون مصير المترشحين وباقي النواب، رهينا بهوى بعض مديري الأكاديميات، وبعض النافدين في الوزارة لاختيار نواب غلاظ شداد لا يعصون من زَكَاهُم ويفعلون ما يُومرون؟
- كم عدد الذين سيتدخل الله عز وجل لهم ليظفروا بالمسؤولية الجسيمة؟
- كيف يكون الفاشل في تدبير مصلحة معينة ناجحا في تسيير نيابة برمتها في أقاليم بعينها؟ ومن المخول ليحكم على هذا الرئيس دون غيره بالفشل أو غيره؟
في انتظار النتائج التي ستكون معبرة ودالة، نسأل الله دعاء ونضالا، أن يكثر في البلاد من يقدر الكفاءات الحقيقية والنزيهة لتجرب حظها وقدرها في إدارة قطاع تترصده خائنة الأعين.
لقد كنت ناصحا ومازلت للصالحين، ومحفزا للراغبين على خوض التجربة الهامة والمفيدة قبل أن يترشحوا، أن يتواصلوا مع أولئك الذين سبقوهم إلى النيابة بإحسان، وكان مصيرهم طلب الإعفاء، أو الإعفاء..
أتساءل مرة أخرى:
هل يكفي الثلاثاء والأربعاء لاختيار العدد المرغوب فيه من النواب؟ بلغة مُمْتَعِظَة: هل تكفي نصف ساعة لاختيار نائب لإدارة قطاع كالتعليم؟
لتحميل المقال المرجو الضغط على الرابط اسفله: