في وقت سابق كانت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالجهة الشرقية تسير بخطى هامة في مجال التدبير المالي والاداري.من ذلك اعتمادها نظام التدبير عن طريق الشساعة في مجال تموين الداخليات , والذي حقق للتلاميذ الداخليين تغذية متوازنة , سيما بعد رفع المنح الى 1260 درهم عن كل ثلاثة أشهر . وكانت أكاديميات أخرى قد اعتمدت نظام الصفقة الاطار , مما خلف تذمرا ونقصا كبيرا في التغذية كما وكيفا….. كما كانت الأكاديمية من الرواد في اعداد وتنفيذ التكوين المستمر باشراك لجان ساهمت في تنظيم تكوينات لكل فئات التعليم ,وفق حاجياتهم …. وكانت …وكانت….لكن التراجعات ظهرت أواخر عهد المدير السابق بعد اعتماد البرنامج الاستعجالي الذي سمح بصرف مبالغ ضخمة جعلت القائمين يلهثون وينقضون على الغنيمة ,متنكرين للشفافية والموضوعية والمصداقية… مما أسقط الأكاديمية في نظام أحادي للتدبير. لن أتناول هذه المحاور , بقدر ما سأحاول الحديث عن ضرورة تفويض اعتمادات التسييرللمؤسسات التعليمية ,حتى تتمكن من تدبير حاجياتها بكل استقلالية وشفافية وباشراك مجلسها المتنوعة كل
حسب الأحوال والضرورة.
ولعلي أتذكر أننا طالبنا السيد مدير الأكاديمة السابق, منذ أكثر من خمس سنوات ,لتفويض اعتمادات التسيير للمؤسسات التعليمية. وقتها كان يتحجج بقلة كفاءتهم في صرف تلك الاعتمادات. وبعد تأكيدينا على ضرورة ذلك,اتفقنا على أساس تفويض جزئي لبعض المؤسسات التعلييمية….لكن شيئا من ذلك لم يحصل.
إن المادة 9 من النظام الساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي تنص على ما يلي:
ويمكن للمؤسسات المذكورة أن تتلقى دعما تقنيا أو ماديا أو ثقالفيا من لدن هيئات عامة أو خاصة في اطار الشراكة,ذلك في نطاق المهام الموكولة لها وتحت مسؤوليتها”
فمن خلال منطوق هذا النص يتضح أن منع تلقي مساعدة مالية ,إنما يتعلق بالشراكة . ولعل المادة ة11 من النظام الأساسي ,التي تتحدث عن اختصاصات المدير تؤكد ذلك عندما نصت في احدى فقراتها على ما يلي:
” ابرام اتفاقيات الشراكة ,مع مراعاة مقتضيات المادة 9 أعلاه وقبل الشروع في تنفيذها ,على موافقة مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية.”
وفوق هذا وذاك ,يمكن لمدير الأكالديمة تفويض اعتمادات التسيير للمؤسسات التعليمية وتسمية مديري مؤسساتها التعلييمة بصفتهم أمرين بالصرف مساعدين.بل هناك أختيار آخر يتمثل في تواجد جمعيات دعم مدرسة النجاح والتي يترأسها وجوبا رئيس المؤسسة مع عضوية مكتب مجلس التدبير إجبارا.وفي هذه الحالة الأخيرة , ولو أن الاعتمادات فوضت لجمعية تخضع لظهير 1958 ,فإن نفس الظهير بنص في احدى مواده على أن كل جمعية تتلقى منحة من الدولة ويتعدى مبلغها 10000 درهم , ملزمة بتقديم الحساب الى الجهة المانحة.اذن في جميع الأحوال تخضع المؤسسة للرقابة, سواء فوض لها الاعتماد مباشرة أو عن طريق جمعية دعم مدرسة النجاح .
لن أطيل في الجوانب القانوية بقدر ما أشيرالى أن منح المؤسسة كل اعتمادات التسيير قد تم التعامل معه بأكاديمية الشاوية ورديغة. وفي اتصال هاتفي مع مدير مؤسسة بنيابة سطات, أكد لي أن السيد مدير الأكاديمية كانت له الجرأة والقدر الكافي من الشفافية والاشراك في التدبير…. في منح المؤسسات التعلييمة اعتمادات التسيير منذ سنوات ,وهي تدبرها بشكل عقلاني شفاف وباشراك مجالسها التدبيرية, التي تمنحها المادة 18 من النظام الأساسي ,من ضمن ما تمنحها:
إبداء الرأي بشأن مشاريع اتفاقيات الشراكة التي تعتزم المؤسسة إبرامها ؛ - “
دراسة حاجياتالمؤسسة للسنة الدراسية الموالية ؛ -
- المصادقة على التقرير السنوي العام المتعلق بنشاط وسير المؤسسة ، والذي يتعين أن يتضمن لزوما المعطيات المتعلقة بالتدبير الإداري والمالي والمحاسباتي للمؤسسة.”
وبالتالي يمكن للمؤسسات التعلييمة تدبير اعتماداتها وفق حاجيتها الحقيقية ,وبإشراك مؤسساتها التشاورية التقريرية المتمثلة في مختلف المجالس.حيث أن الحاجيات تحدد من طرف المجالس التعليمة والمجلس التربوي, لتعرض على مجلس التدبير لدراستها واتخاذ ما يراه مناسبا من قرارات توافقية وفق حاجيات المؤسسة وأولوياتها … الاعتمادات المتوفرة وامكانياتها.
قد يقول قائل,إن هذه المجالس شكلية صورية …. لكنني أيضا أقول بأن ما تجتمع من أجله يمثل فتاتا وقرارات بسيطة وبعيدة عن حقيقة تواجدها . حيث لو أسندت لها صلاحيات حقيقية ومسئوليات واقعية,لآ أظن أنها ستتراجع في لعب دورها للمساهمة في تحقيق أفضل الخدمات بأقل التكلفات.وإن كانت هناك مجالس لا تدبر أمورها بشكل صحيح. فإن الكثير من المجالس تتوفر على طاقات هامة, لكن مجالها محدود وكلامها غير مسموع.
نشر في وجدة البوابة يوم 18 - 12 - 2012
محمد المقدم