ذ: توفيق بنعمرو
أستاذ الرياضيات في الثانوي التأهيلي
صِلَةُ وفاء و عرفان، و بادرةُ تواصلٍ
و وِصال، و شهادةُ عطاءٍ و نجاح و اجتهاد، و عنوانُ وداع و فِرَاق. عِبْرة و
ذكرى للمُحتفى به و لكلّ من حضره أو واكبه أو شارك فيه، تُختَتمُ به مسيرة العمل
بتقاعد أو انتقال أو إتمام لفوج دراسي و تتجلّى فيه لُحمة و نبل و كرم أسرة
التعليم.
تختلج فيه مشاعر مركبة متراكمة و تؤجج
فيه أحاسيس مرهفة مؤثرة و يختزل و يجمع
فيه ما عاشه و عايشه المكرّم طيلة المسيرة المهنية.
يختلف الاهتمام به من منطقة لأخرى و من
مؤسسة لأخرى و من أسرة تعليمية لأخرى حسب الأعراف و التقاليد المتداولة فيها و حسب
طبيعة العلاقات البينية السائدة فيها و يبقى اجتهاداً و مبادرة خاصة بها. و لا
يدخل مع الأسف الشديد في المهام الرسمية المنظمة المعتمدة للأكاديميات و المديريات
( و لو للحضور ) و إنما يبقى في إطار أنشطة موازية هامشية يحضى بها البعض القليل،
دون اعتبار موضوعي أحياناً، و تهمّش الأغلبية الساحقة من جنود الخفاء الذين أمضوا
زهرة عمرهم في ممارسة التدريس بإخلاص و تفان. و قد أشرت لجوانب من هذا في مقالات
سابقة، المقال12: أذى المسار و المقال29: الجحود و المقال31: الارتباط بالمكان.
كلمة طيبة، و هدية رمزية، و حضور حماسي
وازن، و شهادة تقدير شفهية أو كتابية، و التِفَاتَةٌ أسرية، و الْتِفَافُ تضامن
و توديع: كلها لها تأثير بالغ كبير في نفسية المغادر لممارسة التدريس، أو المنتقل
من مقرّ لآخر، خاصة إذا واكبها تواجد لأجيال مختلفة من التلاميذ القدامى الذين
يجسدون ثمرات العمل و نتاج الممارسة الناجحة.
قد يتلقّى الاستاذ ( ة ) تكريماً بنكهة
خاصة و بسعادة كبرى و طعم محبّب شهيّ: هو المقدّم من تلامذته خلال السنة الدراسية
أو في نهايتها عبر حفل أو هدية أو رسالة، و هذا النوع من التكريم التلقائي له وقع
عميق يجسد العلاقة الطيبة و الفاعلية الناجحة في العمل كما يعكس صفات النبل و
أصالة المعدن عند هذه الفئة من التلاميذ.
و يبقى تكريم ربّ العالمين، أجلّ و أعظم
و أحسن تكريم يلقاه العبد من مولاه كأفضل جائزة، تتجلى بعض مظاهرها في الدنيا و
يجد باقيها مدخرا مؤبداً دائماً في الآخرة، لأنه سبحانه و تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا و لا
تضيع عنده مثقال ذرة من خير، و هذا خير بلسم و خير محفز و خير باعث للمثابرة لكل ممارس
للتدريس، و الله الموفق.