بقلم ذ.حميد بن خيبش
تثير حادثة الاعتداء على أستاذ بإحدى ثانويات ورزازات النقاش مجددا حول تنامي أشكال العنف الرمزي و المادي في السياق المحتمعي الذي يشهده المغرب .فالحادثة ليست معزولة أو شاذة بقدر ما هي تعبير عن المآل الذي أفضت إليه جملة من الاختلالات القيمية و السلوكية التي تغذيها أطراف عدة.ولن نضع الأسرة في مقدمتها،كما جرت العادة، لكونها نتاجا لهذا الوضع وليست منتجة له.
يأخذ العنف اليوم في بلادنا صبغة مجتمعية تتمظهر في أشكال عدة،وتسبغ على نفسها قدرا من الشرعية عبر الحضور بشكل متواصل و "بريء"من خلال المضامين الإعلامية والفنية، وطبيعة الخطاب السياسي الرائج في المغرب منذ ما سمي بالربيع العربي ! فأينما وليت وجهك تجد للعنف حضورا بارزا أو متخفيا، سواء تعلق الأمر بسلسلة أطفال على التلفاز أو تحت قبة البرلمان. عنف يتقلب بين الهمز و اللمز و الإيحاءات الجنسية و العرقية،ليصل حد تبادل اللكمات بين البرلمانيين غيرة على المصالح العليا للوطن ! فكيف لنا أن نلوم مراهقا تغذت حواسه في بيئة كهاته وكل إناء بالذي فيه ينضح، كما يقول المثل العربي ؟
تنامى الحديث في السنوات الأخيرة عن الاستخدام المفرط للعنف في وسائل الإعلام ،خاصة التلفاز وألعاب الفيديو ، وما يفضي إليه لاحقا من تغذية الميول العدائية لدى جيل الصغار حين تعريضهم لبرامج تتضمن مشاهد القتل و المخدرات و الجنس. بيد أن النقاش تراجع مفسحا المجال لمقاربة "التنفيس " التي تعتبر وجبة العنف المقدمة يوميا عبر التلفاز وسيلة للتخفيف من الضغوط النفسية و الأفكار السلبية،و التحرر من نوزاع العنف أو حتى مجرد التفكير فيه !
شكلت تلك المقاربة أرضية لتخصيب المشهد بكم هائل من الإنتاجات التي تنوعت بين التنديد بالعنف و تكريمه. فصار المشاهد المغربي حائرا بين خطاب يندد ( "أمي الحبيبة" و"مداولة" على سبيل المثال )،وضجيج غنائي يحتفي بالسب و الشتم و الكلام السافل،و التهديد بالتصفية أو الانتحار ! و مايزيد الوضع إيلاما ومفارقة أن كلا الخطابين يحظيان بالأوسمة !
ومن الطريف حقا أن يصبح العنف وسيلتنا للضحك،وبذلك يكتسب شرعية أخرى تضع المجتمع برمته في قفص الاتهام. فالإنتاج الفكاهي في المغرب لا يزال مرتبطا بالتهكم و الاستخفاف،و السخرية من هموم الآخرين،وإلحاق الأذى بفئات مجتمعية تفرض القيم احترامها " العروبي، الأمي، العجوز...".
وإذا انتقلنا إلى المشهد السياسي وما يعيشه من اهتزازات في الآونة الأخيرة نلمس حضورا ملفتا وغير مسبوق للعنف بكل أشكاله. وتراجعا مؤسفا عن أدبيات الحوار و الخصومة و اختلاف الرأي. فكيف لمواطن شاب يتابع اللغط و تبادل الاتهامات و الكلام الجارح تحت قبة البرلمان أن يوقر العاملين في مؤسسة تعليمية،أو المارة في الفضاءات العمومية ؟ وكيف لنا أن نقنع الشباب بأن الفاعل السياسي الذي يلكُم غريمه أو يستهدف حياته الشخصية بالكلام الجارح غير معرض للمساءلة القانونية أو المجتمعية،بينما تقوم قائمة البلد حين ينهج صبي منحرف نفس النهج؟
إن العنف في المدرسة المغربية ليس حادثا عارضا، بل هو تعبير عن ثقافة مجتمعية تعرضت في الآونة الأخيرة لاهتزاز قيمي خطير،ولاقتلاع عولمي يهدد الخصوصية و الهوية و الانتماء. وإذا كانت ردود الفعل التي تتوالى بعد كل حادثة اعتداء على رجال ونساء التعليم، تكشف عن إيمان راسخ بأن المدرسة صمام أمان المجتمع ، فلا بديل إذن عن استعادة هيبتها وحرمتها، وصون كرامة جميع العاملين فيها دون استثناء، وهو الأمر الذي يفرض التفافا مجتمعيا منزها عن الأغراض النقابية و الأهواء السياسية، يدافع عن المدرسة باعتبارها حصنا للهوية و التنشئة و بناء المستقبل في ظل تفكك أسري مؤلم، وتهافت سياسي وإعلامي يدفعان بكل ذي لب إلى حافة الجنون !
تثير حادثة الاعتداء على أستاذ بإحدى ثانويات ورزازات النقاش مجددا حول تنامي أشكال العنف الرمزي و المادي في السياق المحتمعي الذي يشهده المغرب .فالحادثة ليست معزولة أو شاذة بقدر ما هي تعبير عن المآل الذي أفضت إليه جملة من الاختلالات القيمية و السلوكية التي تغذيها أطراف عدة.ولن نضع الأسرة في مقدمتها،كما جرت العادة، لكونها نتاجا لهذا الوضع وليست منتجة له.
يأخذ العنف اليوم في بلادنا صبغة مجتمعية تتمظهر في أشكال عدة،وتسبغ على نفسها قدرا من الشرعية عبر الحضور بشكل متواصل و "بريء"من خلال المضامين الإعلامية والفنية، وطبيعة الخطاب السياسي الرائج في المغرب منذ ما سمي بالربيع العربي ! فأينما وليت وجهك تجد للعنف حضورا بارزا أو متخفيا، سواء تعلق الأمر بسلسلة أطفال على التلفاز أو تحت قبة البرلمان. عنف يتقلب بين الهمز و اللمز و الإيحاءات الجنسية و العرقية،ليصل حد تبادل اللكمات بين البرلمانيين غيرة على المصالح العليا للوطن ! فكيف لنا أن نلوم مراهقا تغذت حواسه في بيئة كهاته وكل إناء بالذي فيه ينضح، كما يقول المثل العربي ؟
تنامى الحديث في السنوات الأخيرة عن الاستخدام المفرط للعنف في وسائل الإعلام ،خاصة التلفاز وألعاب الفيديو ، وما يفضي إليه لاحقا من تغذية الميول العدائية لدى جيل الصغار حين تعريضهم لبرامج تتضمن مشاهد القتل و المخدرات و الجنس. بيد أن النقاش تراجع مفسحا المجال لمقاربة "التنفيس " التي تعتبر وجبة العنف المقدمة يوميا عبر التلفاز وسيلة للتخفيف من الضغوط النفسية و الأفكار السلبية،و التحرر من نوزاع العنف أو حتى مجرد التفكير فيه !
شكلت تلك المقاربة أرضية لتخصيب المشهد بكم هائل من الإنتاجات التي تنوعت بين التنديد بالعنف و تكريمه. فصار المشاهد المغربي حائرا بين خطاب يندد ( "أمي الحبيبة" و"مداولة" على سبيل المثال )،وضجيج غنائي يحتفي بالسب و الشتم و الكلام السافل،و التهديد بالتصفية أو الانتحار ! و مايزيد الوضع إيلاما ومفارقة أن كلا الخطابين يحظيان بالأوسمة !
ومن الطريف حقا أن يصبح العنف وسيلتنا للضحك،وبذلك يكتسب شرعية أخرى تضع المجتمع برمته في قفص الاتهام. فالإنتاج الفكاهي في المغرب لا يزال مرتبطا بالتهكم و الاستخفاف،و السخرية من هموم الآخرين،وإلحاق الأذى بفئات مجتمعية تفرض القيم احترامها " العروبي، الأمي، العجوز...".
وإذا انتقلنا إلى المشهد السياسي وما يعيشه من اهتزازات في الآونة الأخيرة نلمس حضورا ملفتا وغير مسبوق للعنف بكل أشكاله. وتراجعا مؤسفا عن أدبيات الحوار و الخصومة و اختلاف الرأي. فكيف لمواطن شاب يتابع اللغط و تبادل الاتهامات و الكلام الجارح تحت قبة البرلمان أن يوقر العاملين في مؤسسة تعليمية،أو المارة في الفضاءات العمومية ؟ وكيف لنا أن نقنع الشباب بأن الفاعل السياسي الذي يلكُم غريمه أو يستهدف حياته الشخصية بالكلام الجارح غير معرض للمساءلة القانونية أو المجتمعية،بينما تقوم قائمة البلد حين ينهج صبي منحرف نفس النهج؟
إن العنف في المدرسة المغربية ليس حادثا عارضا، بل هو تعبير عن ثقافة مجتمعية تعرضت في الآونة الأخيرة لاهتزاز قيمي خطير،ولاقتلاع عولمي يهدد الخصوصية و الهوية و الانتماء. وإذا كانت ردود الفعل التي تتوالى بعد كل حادثة اعتداء على رجال ونساء التعليم، تكشف عن إيمان راسخ بأن المدرسة صمام أمان المجتمع ، فلا بديل إذن عن استعادة هيبتها وحرمتها، وصون كرامة جميع العاملين فيها دون استثناء، وهو الأمر الذي يفرض التفافا مجتمعيا منزها عن الأغراض النقابية و الأهواء السياسية، يدافع عن المدرسة باعتبارها حصنا للهوية و التنشئة و بناء المستقبل في ظل تفكك أسري مؤلم، وتهافت سياسي وإعلامي يدفعان بكل ذي لب إلى حافة الجنون !