تجربة آيسلندة : كيف أبعدت أولادها عن التدخين والمخدرات والكحول ؟

منذ عشرين سنة، كان المراهقون الآيسلنديون من بين أكبر شاربي الكحول في أوروبا. لم يكن بالإمكان أن يمشي أحد في مركز مدينة ريكجافيك الجمعة مساءً بدون أن يشعر بالخطر. كان هناك جحافل من المراهقين السكارى الذين ينادونك…ولكن هذا كان من قبل.
نتائج مدهشة 
اليوم، آيسلنده في طليعة الدول الأوروبية من حيث الحياة الصحية للمراهقين. نسبة المدمنين على الخمر في عمر 15-16 سنة كانت 42% سنة 1998، وهبطت إلى 5% في 2016. في نفس الفترة، عدد مستهلكي الحشيشة انخفض من 17% إلى 7%، وعدد مدخني السجائر تراجع بنسبة كبيرة، من 23% إلى3% فقط !
لتتوصل إلى هذه النتيجة الملحوظة، اعتمدت آيسلنده على براهين ودراسات علمية قوية ولكن أيضاً على الحس السليم.
ما الذي فعلته آيسلنده ؟
في سنة 1991، اهتمت آيسلنده بأعمال البروفسور في علم النفس، الأميركي هارفي ميلكمان، بأفكاره ونتائجه، وهذا لفت انتباه باحثة شابة في جامعة آيسلنده، اسمها Inga Dóra Sigfúsdóttir، التي طرحت السؤال التالي :
هل يمكننا أن نستخدم بدائل صحية عن المخدرات والكحول، ليس فقط لمعالجة الأولاد الذين لديهم مشاكل، لكن لمنعالآخرين من أن يتوجهوا نحو المشروب والمخدرات والتدخين ؟
تحقيق واسع مع الشباب : نتائج مقلقة جداً
في سنة 1992، كان على الطلاب بعمر 14,15,16 سنة في كل مدرسة في آيسلنده أن يعبئوا استمارة. تكررت هذه العملية في عامي 1995 و 1997 :
كانت نتائج هذه التحقيقات على المستوى الوطني منذرة بالخطر، ربع المراهقين كانوا يدخنون كل يوم وأكثر من 40% شربوا في خلال الشهر الماضي.
لكن عندما دقق الفريق في المعطيات، استطاع أن يحدد بدقة أي مدارس كان لديها اسوأ المشاكل وتلك التي كانت مشاكلها أقل. أظهر التحليل فروقات واضحة بين حياة الأولاد الذين قالوا إنهم شربوا سابقاً أو دخنوا أو تعاطوا المخدرات، مقارنةً بالأولاد الآخرين الزاهدين. سلّط الفريق الضوء على عوامل الحماية القوية التي ظهرت وهي :
• يشتركون في نشاطات، وخصوصاً الرياضة، ويمارسونها ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع
• الوقت الإجمالي الذي يمضونه مع الأهل في خلال الأسبوع
• يشعرون بأنهم في محيطهم الآمن في المدرسة
• لا يقضون الوقت خارجاً آخر الليل
تنفيذ برنامج طموح على الصعيد الوطني
باستخدام معطيات البحث والمعلومات الناتجة عنه، بما فيها تلك الصادرة من ميلكمان، بدأت خطة جديدة تتقدم على الصعيد الوطني
1. القوانين تغيرت. أصبح شراء الدخان غير قانوني للأشخاص ما دون 20 سنة. إعلانات الدخان والكحول منعت.
2. تم تدعيم العلاقة بين الأهل والمدرسة. تمثيل الأهل في المدرسة، الذي أصبح إجبارياً بموجب القانون، وضع قيدالتنفيذ في كل المدارس. بالإضافة إلى اجتماعات مجالس إدارة المدارس مع ممثلي الأهل.
3. تمت توعية الأهل على هذه الأشياء المهمة :
• قضاء أوقات مميزة مع أولادهم
• النقاش معهم عن حياتهم
• معرفة من هم الأصدقاء الذين يعاشرونهم
• قضاء أمسيات عائلية
تدابير قوية لمرافقة الأولاد في طريق آخر
حظر تجول للمراهقين. على أثر ذلك، صدر قانون آخر مُنع بموجبه الأولاد بعمر13 إلى 16 سنة من أن يكونوا خارجمنازلهم بعد العاشرة مساءً في الشتاء وبعد منتصف الليل في الصيف. هذا التدبير ما زال مطبقاً بدقة حتى اليوم.
جهد كبير مكلف مادياً للنشاطات الرياضية والثقافية. ازداد حجم التمويل العام للنشاطات الرياضية، الموسيقى، الفن،الرقص ونشاطات أخرى. ساعد هذا الأولاد على الشعور بشكل أفضل ضمن مجموعة، على الشعور بشكل أفضل بكلبساطة، بدون الاعتماد على الكحول أو المخدرات. الأولاد الناشئون في عائلات ذات دخلٍ منخفض تلقوا مساعدة سمحتلهم بالمشاركة في هذه النشاطات، عن طريق بطاقة تسلية بقيمة حوالى 300 دولار أميركي في السنة لكل ولد، لتغطيةنفقات نشاطات أوقات الفراغ.
تحسن ملحوظ في النتائج 
تمت متابعة التحقيق كل سنة، واشترك فيه تقريباً كل أولاد آيسلنده. لهذا كانت المعلومات المتوفرة موثوقاً بها ويتم تحديثها باستمرار. هكذا بين عامي 1997 و2012 :
• الأولاد بين 15 و16 الذين أعلنوا أنهم أمضوا غالباً وقتاً مع أهلهم في أسبوع، تضاعفت نسبتهم من 23 إلى 46%
• عدد المشاركين في الرياضة على الأقل أربع مرات في الأسبوع، تضاعف أيضاً من 24 إلى 42%
• دائماً في نفس المدة، تراجع التدخين وتعاطي الكحول والحشيش بشكل كبير عند نفس الفئة العمرية
شاركوا مثال آيسلنده، الذي قدمناه لكم من آي فراشة، مع كل معارفكم.
انتظروا غداً : آيسلندة أبعدت أولادها عن الإدمان والعادات السيئة : هل يمكن أن تنجح التجربة عندنا ؟
google-playkhamsatmostaqltradent