تحضير النص القرائي الفجر الصادق للثالثة إعدادي (مادة اللغة العربية)

الفجر الصادق

درس في مادة اللغة العربية النصوص القرائية مجال القيم الإسلامية النص القرائي الفجر الصادق لتلاميذ السنة الثالثة من التعليم الثانوي الإعدادي.

النص القرائي (الفجر الصادق):

ذات ليلة من أخريات رمضان، بعد ميلاد المسيح عليه السلام بستة قرون وعشر سنينن لف أم القرى صمت لا يسمع فيه غير أنفاس الليل مختلطة بهمهمة صلوات وثنية، كانت ما تزال تتسلل من البيت العتيق. ونامت الدنيا، لا تلقي بالا إلى (محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي) إذ يأوي إلى غار هناك، مستغرقا في تأمله يلتمس في العتمة الداجية شعاعا من نور الحق، وينشد في خلوته قبسا من هدى، وخواطره تحوم حول مقام إبراهيم من البيت العتيق، الذي صار مع الزمن مثوى لأوثان ممسوخة وأصنام شوهاء.
وغير بعيد من غار حراء، هجعت مكة تجتر ذكريات مجدها الديني الغابر وقد طوته وثنية عمياء، وتساورها من حين إلى آخر رجفة من قلق الوعي لا تلبث أن تهمد تحت وطأة الكابوس الجاثم …
ونامت الدنيا، لا تحسب حسابا لهذا الهاشمي في غار حراء،  فقد ألفت أن تراه ينسحب إليه من ضجيج المجتمع، عازفا عن تلك الاوثان التي يعبدها قومه كما وجدوا آباءهم لها عابدين.
التاريخ مشغول عن مكة والغار بأحداث جسام خارج الجزيرة، مشدود بصره إلى نذر الانهيار في عالم يريد أن ينقض بعد أن تصدع بالصراع بين الفرس والروم على مراكز القوة، ومناطق السلطة والنفوذ …
وأوغل الليل قبل أن يطلع فجر تلك الليلة من رمضان، ومع نور الفجر البازغ من الليلة الغراء، تجلى الوحي للهاشمي المختلي في الغار وألقى إليه الكلمة: (إقرأ). وما كان محمد بقارئ، وما كان يتلو من كتاب، ولا يخطه بيمينه من قبل أن ينزل عليه الوحي بكلمات ربه.
وبدأ تاريخ جديد: الرجل الذي أوى في الليل إلى غر حراء على مألوف عادته منذ أنكر موضع الأصنام في البيت الحرام، وأيقن أن حياة الناس لا يمكن أن تمضي هكذا على سفه وضلال. خرج مع الفجر الصادق من الغار نبيا مبعوثا بخاتم رسالات الله،  والكلمات الأولى التي تلقاها من وحي ربه في ليلة القدر هذه، كانت مستهل كتاب معجز،  وآية نبي بشر،  ولواء عقيدة وجهت التاريخ، وحررت الإنسان، وصنعت أمة، وقادت حضارة.
خرج المصطفى من الغار، والنور ملء قلبه، والكلمات ملء قلبه، والكلمات ملء مسمعه، واتجهت به خطاه نحو بيته في جوار الحرم، والكون من حوله ساج خاشع، وعلى الأفق نور من الفجر الصادق ينسخ ظلمات ليل طال. وتلا المصطفى كلمات ربه في قومه الأميين الذين لم يعرف التاريخ لهم كتابا قط، أي كتاب من قبل المبعث. وعلى نور الفجر الصادق عرف الأميون طريقهم، وخرجوا من ظلمات الجاهلية، فما مضى على المبعث عشرون عاما، حتى كان عرب الجزيرة كلهم قد رفضوا الأوثان، وحطموا الأصنام، ودخلوا في دين الله أفواجا، وعبدوه وحده مخلصين له الدين حنفاء. ومن هدي الكتاب تعلم الأميون الكتاب والحكمة فآمنوا بإله واحد فرد صمد ليس كمثله شيء، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار. وبدأت أمة القرآن تحمل إلى الدنيا رسالة التوحيد، وتقود البشرية نحو المجد والعلا، وإلى نور الحق والعدل والإيمان.
الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، أرض المعجزات، ص: 51 – 52 (بتصرف).

I – عتبة القراءة:

1 – ملاحظة مؤشرات النص الخارجية:

أ – صاحب النص:
بنت الشاطئ: هي عائشة محمد علي عبد الرحمـــن، ولدت سنة 1912 في مدينة دمياط شمال مصر، نشأت في بيت علم ودين، تلقت تعليمها الأولى في كتاب القرية، حفظت القرآن الكريم، ثم أرادت الالتحاق بالمدرسة عندما كانت في السابعة من العمر، ولكن والدها رفض ذلك، فتقاليد الأسرة تأبى خروج البنات من المنزل والذهاب إلى المدرسة، فتلقت تعليمها بالمنزل وقد بدأ يظهر تفوقها ونبوغها في تلك المرحلة عندما كانت تتقدم للامتحان فتتفوق على قريناتها بالرغم من أنها كانت تدرس في المنزل، إلتحقت بجامعة القاهرة لتتخرج من كلية الآداب قسم اللغة العربية سنة 1939م وكان ذلك بمساعدة أمها فأبوها كان يأبى ذهابها للجامعة، وقد ألفت كتاب بعنوان «الريف المصري» في عامها الثاني بالجامعة، ثم نالت الماجستير بمرتبة الشرف الأولى عام 1941م.
كانت بنت الشاطئ كاتبة ومفكرة وأستاذة وباحثة ونموذجا للمرأة المسلمة التي حررت نفسها بنفسها بالإسلام، فمن طفلة صغيرة على شاطئ النيل في دمياط إلى أستاذ للتفسير والدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة القرويين في المغرب، وأستاذ كرسي اللغة العربية وآدابها في جامعة عين الشمس في مصر، وأستاذ زائر لجامعات أم درمان 1967م والخرطوم في السودان، والجزائر 1968م، وبيروت 1972م، وجامعة الإمارات 1981م، وكلية التربية للبنات في الرياض 1975-1983م، تدرجت في المناصب الأكاديمية إلى أن أصبحت أستاذا للتفسير والدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة القرويين بالمغرب حيث قامت بالتدريس هناك ما يقارب العشرين عاما.
تركت بنت الشاطئ وراءها اكثر من أربعين كتابا في الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية، وأبرز مؤلفاتها هي: التفسير البياني للقرآن الكريم، والقرآن وقضايا الإنسان، وتراجم سيدات بيت النبوة، وكذا تحقيق الكثير من النصوص والوثائق والمخطوطات، ولها دراسات لغوية وأدبية وتاريخية أبرزها: نص رسالة الغفران للمعري، والخنساء الشاعرة العربية الأولى، ومقدمة في المنهج، وقيم جديدة للأدب العربي، ولها أعمال أدبية وروائية أشهرها: على الجسر “سيرة ذاتية”، سجلت فيه طرفا من سيرتها الذاتية، وكتبته بعد وفاة زوجها أمين الخولي بأسلوبها الأدبي، وكتاب “بطلة كربلاء”، وهو عن السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، وما عانته في واقعة عاشوراء في سنة 61 بعد الهجرة، ومقتل أخيها الحسين بن علي بن أبي طالب، والأسر الذي تعرضت له بعد ذلك. ومن مؤلفاتها سكينة بنت الحسين، مع المصطفى، مقال في الإنسان، نساء النبي، أم الرسول محمد..آمنة بنت وهب، أعداء البشر، أرض المعجزات..رحلة في جزيرة العرب.
ب – مجال النص:
يندرج النص ضمن مجال القيم الإسلامية.
ج – مصدر النص:
النص مقتطف من كتاب «أرض المعجزات» للدكتورة عائشة عبد الرحمان المعروفة ببنت الشاطئ.
د – نوعية النص:
نص سردي ذو بعد إسلامي.
هـ – العنوان (الفجر الصادق):
العنوان عبارة عن مركب وصفي يتكون من كلمتين: الفجر: وهو مؤشر زمني يدل على المنطلق أو البداية، ويوحي بالسكينة والهدوء. الصادق: وهو مؤشر وصفي يوحي باليقين والحقيقة، فهو فجر صادق وليس كاذبا.
و – بداية النص ونهايته:
  • بداية النص: تتضمن مؤشرات زمنية (ليلة – رمضان – بعد ميلاد …) ومؤشرين مكانيين (أم القرى  – البيت العتيق)، وهي تدل على أننا أمام نص سردي / حكائي، كما تتضمن ألفظا تنتمي إلى المجال الإسلامي.
  • نهاية النص: رغم أن العنوان لم يتكرر في بداية النص ولا في نهايته إلا أننا نجد في نهاية النص العبارة  التالية: (وبدأت أمة القرآن …) وهي تنسجم في مدلولها مع كلمة (الفجر) الواردة في العنوان من حيث كونها تدل على المنطلق والبداية.كما نجد عبارة أخرى، وهي: (نور الحق …) تنسجم مع الكلمة الثانية من العنوان (الصادق).
ز – الصورة المرفقة:
تنسجم مع العتبات السابقة لأنها تشير إلى موقع كان الرسول ﷺ يأوي إليه ويعتزل فيه عن الناس للعبادة، وهذا المكان هو (غار حراء).

2 – بناء فرضية القراءة:

بناء على المؤشرات الأولية للنص نفترض أن موضوعه سيتحدث عن بزوغ فجر الإسلام، وإخراجه الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.

II – القراءة التوجيهية:

1 – الايضاح اللغوي:

  • لفّ أم القرى صمت: أحاط بها الهدوء وشملتها السكينة.
  • همهمة: كلام خفي لا يُفهم.
  • البيت العتيق: الكعبة المشرّفة.
  • لا تلقي بالاً: لا تكترث.
  • العتمة الدّاجية: اشتداد الظلام.
  • ينشد: يطلب ويلتمس.
  • قبسا: شعلة من النور.
  • تصدع: تشقق، والمقصود هنا هو تفككه بين الروم والفرس.
  • ينسخ ظلمات ليل: يزيحها ويزيلها.
  • غار حراء: هو المكان الذي نزل فيه الوحي على الرسول ﷺ يقع شرق مكّة المكرّمة في أعلى جبل النور. يبعد عن المسجد الحرام بـ 44 كلم. وهو عبارة عن فجوة في جبل.
  • عازفاً: منصرفاً.
  • الليلة الغرّاء: الليلة المباركة (ليلة القدر).

2 – الفكرة المحورية للنص:

تحدّث النص عن حالة العرب في الجاهلية حتى بزغ فجر الإسلام وانبعث نور الإيمان مع بعثة الرسول ﷺ، حيث أخرجت رسالته الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.

III – القراءة التحليلية للنص:

1 – الأفكار الأساسية:

  • غرقُ الناس في جاهليتهم قبل مجيء الإسلام، حيث كان الرسول ﷺ يذهب إلى غار حراء مبتعداُ عن الأوضاع الوثنية التي كانت تعمّ مكة ولكي يتأمّل في خلق الله تعالى.
  • نزول الوحي على رسول الله ﷺ بغار حراء في ليلة فصلت بين عهد مظلم وآخر منير، وأخرج الإسلام الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.
  • التغيرات التي أحدثها الإسلام وخلّفتها دعوة الرسول ﷺ على مجتمعه حيث أعادت الناس من الكفر إلى الإيمان، وحطّمت الأصنام، وحملت الرسالة إلى البشرية كافة.

2 – أحداث النص:

في النص حدثان رئيسيان:
حالة العرب قبل الفجر
حالة العرب بعد الفجر
كان الناس غارقين في جاهليتهم وفي عبادة الأوثان، وكان الصراع قائما بين الفرس والروم حول السيطرة على زمام الأمور والاستحواذ على مركز القوة.أخرج الإسلام الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، وحطم الأصنام، وحمل رسالة إلى البشرية كافة.

3 – الزمان والمكان في النص:

زمن الأحداث
مكان الأحداث
يتحدث النص عن فترة هامة من تاريخ الإسلام، وهي فترة بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد ميلاد المسيح بستة قرون وعشر سنين.معظم أحداث النص وقعت بمكة المكرمة، مع الإشارة إلى أمكنة عامة مثل: بلاد فارس وبلاد الروم، وأمكنة خاصة مثل: غار حراء ومقام ابراهيم والبيت العتيق.

4 – شخصيات النص وأوصافها:

الشخصيات
أوصافها
الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.نبي الله – أمي – منعزل عن الناس للتعبد …
أهل مكة.مشركون – عابدون للأوثان – غافلون …

IV – التركيب والتقويم:

1 – التركيب:

يصور النص حالتين متناقضتين لفترتين زمنيتين تتوزعان ما قبل الإسلام وما بعد بعثة الرسول محمد ﷺ، حيث كان العرب قبل مجيء الإسلام في حالة ميؤوس منها وكانوا يعيشون في أوضاع يسودها الفقر والظلم والجهل، فقد أنكر النبي ﷺ عبادة الأوتان قبل نزول الوحي عليه وانعزل في غار حراء متأملا في عظمة الكون إلى أن نزل عليه الوحي في أواخر شهر رمضان، فآلت البشرية إلى الهدى والمجد والعلا بعد مجيء الإسلام، حيث انتصرت أمة الإسلام على الوثنية وأوصلت الدين الإسلامي إلى مختلف الأقطار.

2 – التقويم:

يزخر النص بالعديد من الخصائص الفنية التي أضفت عليه لمسة جمالية إبداعية، ومنها:
  • التكرار: ويفيد التأكيد، ومثاله: (ونامت الدنيا … ونامت الدنيا …).
  • أنسنة الطبيعة: حيث شخصت الساردة عناصر الطبيعة وأضفت عليها صفات إنسانية مما زاد وصفها  جمالا وإبداعا.
  • الطباق: وظفته الساردة للمقارنة بين حالتين: ما قبل الإسلام وما بعده.
  • الاقتباس: ومثاله قول الساردة: (مخلصون له الدين حنفاء) فهو مقتبس من قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ  لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾. سورة البينة الأية 5.

رابط للتحميل Downlaod

google-playkhamsatmostaqltradent