ذ محسن الأكرمين (باحث تربوي)
بعد أن استحضرنا في الجزء الأول سياق الإصلاح الرئيسة للحقل الديني المدرسي، والمعلومة لدينا بأثر النقل والتواتر. وبعد أن كشفنا شفرة الترميز المضمر عن بعض روافد قنوات السياق العالمي، وحسبنا قوة الدفع الخارجي (التحدي الغربي ) بأعداد رياضية مضاعفة عن واقع دوافع حاجيات الإصلاح الداخلي لمكون التربية الإسلامية. خلصنا بصريح العلة السببية أن التعجيل السريع في إصلاح الحقل الديني المدرسي كانت بؤرته التوترية الأحداث (الداعشية) بدار الإسلام المشرقي. والتي لازالت عوائد حركتها الراديكالية حامية. وجدنا كذلك أن التوصيات الغربية بسلطة التحدي والدعم المالي المرهون بالإملاءات تنزل علينا كمطرقة حداد على عين حمئة. وبعد بحثنا على تأصيل بعض المرتكزات الأساسية التي أسندت عليها حجرة زاوية انطلاق رؤية إصلاح مكون التربية الإسلامية بالمدارس المغربية، نعد لزاما في الشق الثاني من تحليلنا لفعل الأجرأة الميدانية لكنانيش مكون التربية الإسلامية المنقحة، وندق أبواب الفصل الدراسي، ونقتعد مكانا يسمح لنا بالملاحظة الصفية اللصيقة لكل مكونات مجتمع القسم، ووسائل تمرير معلومات إرساليات (التزكية/ الاقتداء/ الاستجابة/ القسط/الحكمة).
اليوم سننقل إليكم كل الملاحظات ولو استصغرت قيمتها الدلالية والتموضعية. أولى تقليعة وصفية لتشكيلة الملاحظات، هي الحلة الشكلية للكتب الجديدة المنقحة، والجودة في الطبع والعرض الترتيبي للمعلومة المراد التعامل معها من قبل المتعلم بالإثارة، وشد انتباهه إلى محتواها المعرفي. فيما الصورة المصاحبة للدروس كأسناد ملحقة فقد روعي فيها عدة معطيات سيميائية، على أساس أن الرسالة البصرية التي تسوقها نحو المتعلم تختزل مادة قارة ومثبتة في أشكال رؤيتها الهندسية التموضعية أولا، وكذلك من خلال نقلها من الحالة الجامدة إلى دلالات إنسانية متحركة الحياة (الصورية) بموضع الخيال ثانيا. فأصبحت الصورة (في الكتب المنقحة) تنقل لنا عينات من أنماط التشكلات المجالية للمجتمع، وتصف نمذجة من التنوعات النوعية والبيئية في الحياة الفردية والجماعية للمغاربة. هنا نقر برمزية الصورة (المرأة وهي مكشوفة الرأس / المرأة وهي محجبة/ ...)، فهي تروم إلى توسيع طاقة رؤية الاختلاف المرجعي في الوسط المجالي المغربي والكوني، وفي النمط الحياتي بمستويات الانتماء الديني، حينها نقف عن بعد المساواة، والانفتاح على الفكر والقيم الإنسانية الكونية، و نشد اليد على مقاربة الإنصاف / النوع، وعن مجموعة من مفاهيم الحكمة والقسط والحرية كإشارات اختزالية رمزية...
إذا، نعلن بالواضح المكشوف أولا أن الصورة ليست محايدة، ولا بريئة التوارد في قلب غالبية صفحات كتب المتعلم(نموذج كتاب المستوى الثالث)، وتجدها بحجم التصغير في كل الزوايا المشعة بتحريك العينين، إنها الصور التي تحمل عدة رسائل بديلة عن النمطية الواحدة المتحجرة. وهي كذلك مادة الإدراك البصري الأولي، وتستولي بالتمام على التفكير قبل المناولة المعرفية لمحتوى دلالات الرسم الكتابي المقدم.
إنه حديث علم العلامات كفرع من علم النفس الاجتماعي– ( فرديناد دو سوسير Ferdinand de saussure )- الذي دخل إلى مقرراتنا المدرسية (الإسلامية) بغاية التزكية لأبعاد صورة تسوق الانفتاح على المكون الكوني، ويتم الاقتداء بها وفق الأثرالإيجابي.
بعد الملاحظة الشكلية/ السيميائية للصورة والهندسة الجمالية للمنتوج المنقح والمعدل. نفتح طية غلاف الكتاب المدرسي للتلميذ ونلاحظ بالبدء النظري جانب التوزيع الزمني لدروس التربية الإسلامية. حيث حافظ متسع الزمن المدرسي المخصص لدروس التربية الإسلامية على مددها التفصيلية وبزيادة - (34اسبوعا دراسيا خلال السنة الدراسية X 3 ساعات أسبوعيا=102ساعة في السنة الواحدة، أي 612 ساعة خلال المرحلة الابتدائية )، بل يمكن القول أن الأحياز الزمنية المخصصة لهذا المكون قد تمططت اتساعا في المستويات الأولى. وتفردت البرمجة الجديدة على اعتماد أربعة أسابيع لبناء الموارد، وامتلاك خاصية استدماج ما اكتسبه المتعلم في مبادرات حياتية إدماجية ايجابية، فيما تم تخصيص الأسبوع الخامس للتقويم والدعم ومعالجة كل فجوات التعثر.
هنا نشهد بعلم اليقين أن تراتبية تخطيط زمن التربية الإسلامية أحدث تنافرا مع المكونات الأخرى الناظمة للعمليات التعليمية داخل المدرسة المغربية العمومية، فمكون اللغة العربية (مثلا) ينبني على خطة تقسيط مرحلي (أربعة مراحل)، كل مرحلة مكونة من ست أسابيع متبوعة بأسبوعي للدعم العام و الخاص، و تمرير المراقبة المستمرة بناء على المذكرات الوزارية الإطار المنظمة للفروض المحروسة. وبعدها تفتح بوابة مسار(الأسبوع 7و8) لتوطين نتائج التقويم الجزائي للتلاميذ، كما هو مفصل في المقرر الوزاري رقم:035/16بتاريخ:17 يونيو 2016.
في هذا الشق، الكل يتساءل عن زمن/وقت تمرير فروض المراقبة المستمرة في مكون التربية الإسلامية؟ هنا نلحظ أن تحقيق التوافق الزمني بين جميع مكونات المنظومة التعليمية، قد أخفق مساره وموعده، وأصبح لزاما البحث عن تكييف تعسفي لتمرير الفروض المحروسة (المادة 18 من المقرر الوزاري رقم:035/16بتاريخ:17 يونيو 2016 الصفحة 11).
فيما الأمر الذي أشكل الإجماع على فهمه بوجهه الجلي، حين تحدثت الوثيقة الوزارية " منهاج التربية الإسلامية " عن التقويم والدعم (ص6)"يتم تقويم مكتسبات المتعلم (ة) في نهاية كل سنة، انطلاقا من وضعية دامجة لمختلف المعارف والمهارات والقيم لجميع مداخل التربية الإسلامية....أما بالنسبة للتقويم التكويني والتقويمات الجزئية (الفروض)...فيقوم حفظ القرآن شفهيا في جميع المستويات...يقوم حفظ القرآن كتابيا ابتداء من السنة الرابعة...".
البينة الأولى التي نلحظها، هي العودة إلى بيداغوجيا الإدماج، حيث تعلن الكفايات المخصصة لكل مستوى دراسي " يكون المتعلم(ة) في نهاية السنة ...قادرا على حل وضعيات مشكلة مركبة ودالة، بتوظيف مكتسباته...". هنا أشكل على كل المتدخلين في الحقل التربوي المدرسي الإفتاء الإفتراضي/ الإستشرافي، هل الإمتحانات الإشهادية وغيرها، تمرر عن طريق وضعيات مشكلة مركبة دالة، تستدمج كل ما اكتسبه المتعلم (ة) من موارد؟ هل يتم احتساب التقويم الشفهي تقويما جزائيا، أم تقويما تكوينيا؟ هل سيكون احتساب نقط (فروض) مكون التربية الإسلامية على أساس تجميع نقط الفروض (الشفهية+الكتابية) ابتداء من السنة الرابعة ؟. كيف سنقوم متعلما بوضعية مشكلة مركبة دالة (في نهاية السنة) وهو لم يتدرب بتاتا على كيفية التعامل مع منهجية حل وضعية مشكلة؟ إنها متوالية الدفع إلى الأمام، وحين تتشابك الكبة وتصبح مشكلة، يتم إلغاء الإصلاح بجرة قلم سياسي...
الآن، تم طرح منهاج التربية الإسلامية كمتغير خلخل المفاهيم التقليدية التي سكنت المدرسة المغربية منذ 15سنة، وأصبح النقاش الدائري ينصب حتى على تسمية المواد بين القرآن الكريم ، أو التزكية في القرآن، وبين العقيدة، أو التزكية في العقيدة...إنها أسئلة إشكالية تتجمع ولو ببساطتها ولكنها تخلق نوعا من الإشكال/التخميني في التعامل مع كل مستجد.
ومن بين إيجابيات المتغير هو مراعاة الجانب النوعي في تقديم المواد، بدل الكم والتكرار، هو العمل على تقليل العناوين والدروس بشكل يحقق التوازن بين كل العمليات المرحلية والسنوية عموما (بناء الموارد مقرونا بالمعالجة الفورية /التقويم/ الدعم /التشخيص عبر التقويم السنوي وفق وضعيات مشكلة مركبة ودالة). المتغير(الآخر) هو اعتماد مدخل التدريس بمقاربة الكفايات، والتنصيص على مكان الوضعية المشكلة المركبة والدالة ضمن حقل التقويمات الإجمالية. فيما متغير التتبع والضبط فلن يستو ارتكازه إلا من خلال الاعتناء بالتكوين الأساس والمستمر، والاستناد إلى التقويمات المرحلية لكل أجزاء الإصلاح الرئيسية بحدود تغليب رؤية التعديل والتصويب، واستثمار تقارير المجالس التعليمية بالوفاء إلى تفعيل المقاربة التفاعلية (التصاعدية).
أما الثابت فهو التسمية "التربية الإسلامية" والتي خلصتنا من كل نقاش بوليميكي، وجعل الفكر الإصلاحي التجديدي للحقل الديني المدرسي يتوافق مع تصدير دستور المملكة الذي نص على أن" المملكة المغربية دولة إسلامية..." و في فصله الثالث " الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية".
. الثابت هو في استهداف مواضيع حديثة، التسامح/ الكرامة/ الحق/ الواجب/ الحرية...إنها البوابات التوليفة النسقية بين مرجعية المذهب المالكي(الأركان/ العبادات)،والعقيدة الأشعرية (العقيدة) ، والتصوف السني (القيم/ النفع)...
فيما الملاحظة الموالية فهي شكلية، وأحدثت قفزة نوعية على مستوى البرامج المدرسية، حيث النص القرآني يمرر في ثلاثة أسابيع متتالية بمعدل حصتين (45د) في الأسبوع، تتلوه حصتين من درس التزكية ( العقيدة) في الأسبوع الأول، وحصتين من درس الإقتداء (السيرة النبوية) في الأسبوع الثاني، فيما الأسبوع الثالث، فيوالي النص القرآني حصتين في الاستجابة (العبادات)، أما الأسبوع الرابع فيخصص حصتين للقسط (الحقوق والواجبات)،وحصتين في الحكمة ( الأثر النفعي) .
لكن ملاحظاتنا الرئيسية أن النص القرآني-(بملاحظة أن أغلب السور القرآنية المقررة بالابتدائي هي مكية التنزيل) - يبقى حاضرا طيلة كل الأسابيع الأربعة لبناء الموارد، وعند جل الحصص والمواد، فأسناد درس العقيدة وغيرها ينطلق أساسا من النص القرآني، ولو حتى باستحضار آيات أخرى بديلة تدعم انطلاقة بناء موارد حصة الدرس الجديد. وهذا تفكير يخدم الحقل الديني المدرسي من خلال ربط المتعلم بالنص القرآني التشريعي الأول.
الإصلاح الاستعجالي للحقل الديني المدرسي، تحقق بالتنزيل، واتضحت أسباب نزوله الداخلية والخارجية. لكن لم تتحقق معه مراعاة الانسجام بين المواد الدراسية والتناسق في الامتداد والتقاطع، حتى في البعد التدبير الزمني للمجزوءات التعليمية. لم يتحقق معه تحديث محتويات عدة التربية الإسلامية وفق التطور المعلوماتي الحديث(إصدار أقراص مدمجة تضم كتب المتعلم ومراجع الأستاذ(ة)) ، لم تتحقق معه تفعيل الخطة الوطنية الإستراتيجية لمشروع المؤسسة، عبر هيكلة ضابطة في حلة مشاريع تربوية (مشروع المؤسسة / مشروع الفصل الدراسي/مشروع المتعلم في مكون التربية الإسلامية الإدماجية). لم يتحقق معه البحث عن تنمية الفكر النقدي لكل مشينات ومظاهر الانحرافات الاجتماعية عن قيم العقيدة الإسلامية السمحة، لم يتحقق معه استعمال العقل التحصيني من كل الانزلاقات السلوكية نحو الإسلام السياسي الراديكالي.
ذ محسن الأكرمين (باحث تربوي)- mohsineelak@gmail.com
بعد أن استحضرنا في الجزء الأول سياق الإصلاح الرئيسة للحقل الديني المدرسي، والمعلومة لدينا بأثر النقل والتواتر. وبعد أن كشفنا شفرة الترميز المضمر عن بعض روافد قنوات السياق العالمي، وحسبنا قوة الدفع الخارجي (التحدي الغربي ) بأعداد رياضية مضاعفة عن واقع دوافع حاجيات الإصلاح الداخلي لمكون التربية الإسلامية. خلصنا بصريح العلة السببية أن التعجيل السريع في إصلاح الحقل الديني المدرسي كانت بؤرته التوترية الأحداث (الداعشية) بدار الإسلام المشرقي. والتي لازالت عوائد حركتها الراديكالية حامية. وجدنا كذلك أن التوصيات الغربية بسلطة التحدي والدعم المالي المرهون بالإملاءات تنزل علينا كمطرقة حداد على عين حمئة. وبعد بحثنا على تأصيل بعض المرتكزات الأساسية التي أسندت عليها حجرة زاوية انطلاق رؤية إصلاح مكون التربية الإسلامية بالمدارس المغربية، نعد لزاما في الشق الثاني من تحليلنا لفعل الأجرأة الميدانية لكنانيش مكون التربية الإسلامية المنقحة، وندق أبواب الفصل الدراسي، ونقتعد مكانا يسمح لنا بالملاحظة الصفية اللصيقة لكل مكونات مجتمع القسم، ووسائل تمرير معلومات إرساليات (التزكية/ الاقتداء/ الاستجابة/ القسط/الحكمة).
اليوم سننقل إليكم كل الملاحظات ولو استصغرت قيمتها الدلالية والتموضعية. أولى تقليعة وصفية لتشكيلة الملاحظات، هي الحلة الشكلية للكتب الجديدة المنقحة، والجودة في الطبع والعرض الترتيبي للمعلومة المراد التعامل معها من قبل المتعلم بالإثارة، وشد انتباهه إلى محتواها المعرفي. فيما الصورة المصاحبة للدروس كأسناد ملحقة فقد روعي فيها عدة معطيات سيميائية، على أساس أن الرسالة البصرية التي تسوقها نحو المتعلم تختزل مادة قارة ومثبتة في أشكال رؤيتها الهندسية التموضعية أولا، وكذلك من خلال نقلها من الحالة الجامدة إلى دلالات إنسانية متحركة الحياة (الصورية) بموضع الخيال ثانيا. فأصبحت الصورة (في الكتب المنقحة) تنقل لنا عينات من أنماط التشكلات المجالية للمجتمع، وتصف نمذجة من التنوعات النوعية والبيئية في الحياة الفردية والجماعية للمغاربة. هنا نقر برمزية الصورة (المرأة وهي مكشوفة الرأس / المرأة وهي محجبة/ ...)، فهي تروم إلى توسيع طاقة رؤية الاختلاف المرجعي في الوسط المجالي المغربي والكوني، وفي النمط الحياتي بمستويات الانتماء الديني، حينها نقف عن بعد المساواة، والانفتاح على الفكر والقيم الإنسانية الكونية، و نشد اليد على مقاربة الإنصاف / النوع، وعن مجموعة من مفاهيم الحكمة والقسط والحرية كإشارات اختزالية رمزية...
إذا، نعلن بالواضح المكشوف أولا أن الصورة ليست محايدة، ولا بريئة التوارد في قلب غالبية صفحات كتب المتعلم(نموذج كتاب المستوى الثالث)، وتجدها بحجم التصغير في كل الزوايا المشعة بتحريك العينين، إنها الصور التي تحمل عدة رسائل بديلة عن النمطية الواحدة المتحجرة. وهي كذلك مادة الإدراك البصري الأولي، وتستولي بالتمام على التفكير قبل المناولة المعرفية لمحتوى دلالات الرسم الكتابي المقدم.
إنه حديث علم العلامات كفرع من علم النفس الاجتماعي– ( فرديناد دو سوسير Ferdinand de saussure )- الذي دخل إلى مقرراتنا المدرسية (الإسلامية) بغاية التزكية لأبعاد صورة تسوق الانفتاح على المكون الكوني، ويتم الاقتداء بها وفق الأثرالإيجابي.
بعد الملاحظة الشكلية/ السيميائية للصورة والهندسة الجمالية للمنتوج المنقح والمعدل. نفتح طية غلاف الكتاب المدرسي للتلميذ ونلاحظ بالبدء النظري جانب التوزيع الزمني لدروس التربية الإسلامية. حيث حافظ متسع الزمن المدرسي المخصص لدروس التربية الإسلامية على مددها التفصيلية وبزيادة - (34اسبوعا دراسيا خلال السنة الدراسية X 3 ساعات أسبوعيا=102ساعة في السنة الواحدة، أي 612 ساعة خلال المرحلة الابتدائية )، بل يمكن القول أن الأحياز الزمنية المخصصة لهذا المكون قد تمططت اتساعا في المستويات الأولى. وتفردت البرمجة الجديدة على اعتماد أربعة أسابيع لبناء الموارد، وامتلاك خاصية استدماج ما اكتسبه المتعلم في مبادرات حياتية إدماجية ايجابية، فيما تم تخصيص الأسبوع الخامس للتقويم والدعم ومعالجة كل فجوات التعثر.
هنا نشهد بعلم اليقين أن تراتبية تخطيط زمن التربية الإسلامية أحدث تنافرا مع المكونات الأخرى الناظمة للعمليات التعليمية داخل المدرسة المغربية العمومية، فمكون اللغة العربية (مثلا) ينبني على خطة تقسيط مرحلي (أربعة مراحل)، كل مرحلة مكونة من ست أسابيع متبوعة بأسبوعي للدعم العام و الخاص، و تمرير المراقبة المستمرة بناء على المذكرات الوزارية الإطار المنظمة للفروض المحروسة. وبعدها تفتح بوابة مسار(الأسبوع 7و8) لتوطين نتائج التقويم الجزائي للتلاميذ، كما هو مفصل في المقرر الوزاري رقم:035/16بتاريخ:17 يونيو 2016.
في هذا الشق، الكل يتساءل عن زمن/وقت تمرير فروض المراقبة المستمرة في مكون التربية الإسلامية؟ هنا نلحظ أن تحقيق التوافق الزمني بين جميع مكونات المنظومة التعليمية، قد أخفق مساره وموعده، وأصبح لزاما البحث عن تكييف تعسفي لتمرير الفروض المحروسة (المادة 18 من المقرر الوزاري رقم:035/16بتاريخ:17 يونيو 2016 الصفحة 11).
فيما الأمر الذي أشكل الإجماع على فهمه بوجهه الجلي، حين تحدثت الوثيقة الوزارية " منهاج التربية الإسلامية " عن التقويم والدعم (ص6)"يتم تقويم مكتسبات المتعلم (ة) في نهاية كل سنة، انطلاقا من وضعية دامجة لمختلف المعارف والمهارات والقيم لجميع مداخل التربية الإسلامية....أما بالنسبة للتقويم التكويني والتقويمات الجزئية (الفروض)...فيقوم حفظ القرآن شفهيا في جميع المستويات...يقوم حفظ القرآن كتابيا ابتداء من السنة الرابعة...".
البينة الأولى التي نلحظها، هي العودة إلى بيداغوجيا الإدماج، حيث تعلن الكفايات المخصصة لكل مستوى دراسي " يكون المتعلم(ة) في نهاية السنة ...قادرا على حل وضعيات مشكلة مركبة ودالة، بتوظيف مكتسباته...". هنا أشكل على كل المتدخلين في الحقل التربوي المدرسي الإفتاء الإفتراضي/ الإستشرافي، هل الإمتحانات الإشهادية وغيرها، تمرر عن طريق وضعيات مشكلة مركبة دالة، تستدمج كل ما اكتسبه المتعلم (ة) من موارد؟ هل يتم احتساب التقويم الشفهي تقويما جزائيا، أم تقويما تكوينيا؟ هل سيكون احتساب نقط (فروض) مكون التربية الإسلامية على أساس تجميع نقط الفروض (الشفهية+الكتابية) ابتداء من السنة الرابعة ؟. كيف سنقوم متعلما بوضعية مشكلة مركبة دالة (في نهاية السنة) وهو لم يتدرب بتاتا على كيفية التعامل مع منهجية حل وضعية مشكلة؟ إنها متوالية الدفع إلى الأمام، وحين تتشابك الكبة وتصبح مشكلة، يتم إلغاء الإصلاح بجرة قلم سياسي...
الآن، تم طرح منهاج التربية الإسلامية كمتغير خلخل المفاهيم التقليدية التي سكنت المدرسة المغربية منذ 15سنة، وأصبح النقاش الدائري ينصب حتى على تسمية المواد بين القرآن الكريم ، أو التزكية في القرآن، وبين العقيدة، أو التزكية في العقيدة...إنها أسئلة إشكالية تتجمع ولو ببساطتها ولكنها تخلق نوعا من الإشكال/التخميني في التعامل مع كل مستجد.
ومن بين إيجابيات المتغير هو مراعاة الجانب النوعي في تقديم المواد، بدل الكم والتكرار، هو العمل على تقليل العناوين والدروس بشكل يحقق التوازن بين كل العمليات المرحلية والسنوية عموما (بناء الموارد مقرونا بالمعالجة الفورية /التقويم/ الدعم /التشخيص عبر التقويم السنوي وفق وضعيات مشكلة مركبة ودالة). المتغير(الآخر) هو اعتماد مدخل التدريس بمقاربة الكفايات، والتنصيص على مكان الوضعية المشكلة المركبة والدالة ضمن حقل التقويمات الإجمالية. فيما متغير التتبع والضبط فلن يستو ارتكازه إلا من خلال الاعتناء بالتكوين الأساس والمستمر، والاستناد إلى التقويمات المرحلية لكل أجزاء الإصلاح الرئيسية بحدود تغليب رؤية التعديل والتصويب، واستثمار تقارير المجالس التعليمية بالوفاء إلى تفعيل المقاربة التفاعلية (التصاعدية).
أما الثابت فهو التسمية "التربية الإسلامية" والتي خلصتنا من كل نقاش بوليميكي، وجعل الفكر الإصلاحي التجديدي للحقل الديني المدرسي يتوافق مع تصدير دستور المملكة الذي نص على أن" المملكة المغربية دولة إسلامية..." و في فصله الثالث " الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية".
. الثابت هو في استهداف مواضيع حديثة، التسامح/ الكرامة/ الحق/ الواجب/ الحرية...إنها البوابات التوليفة النسقية بين مرجعية المذهب المالكي(الأركان/ العبادات)،والعقيدة الأشعرية (العقيدة) ، والتصوف السني (القيم/ النفع)...
فيما الملاحظة الموالية فهي شكلية، وأحدثت قفزة نوعية على مستوى البرامج المدرسية، حيث النص القرآني يمرر في ثلاثة أسابيع متتالية بمعدل حصتين (45د) في الأسبوع، تتلوه حصتين من درس التزكية ( العقيدة) في الأسبوع الأول، وحصتين من درس الإقتداء (السيرة النبوية) في الأسبوع الثاني، فيما الأسبوع الثالث، فيوالي النص القرآني حصتين في الاستجابة (العبادات)، أما الأسبوع الرابع فيخصص حصتين للقسط (الحقوق والواجبات)،وحصتين في الحكمة ( الأثر النفعي) .
لكن ملاحظاتنا الرئيسية أن النص القرآني-(بملاحظة أن أغلب السور القرآنية المقررة بالابتدائي هي مكية التنزيل) - يبقى حاضرا طيلة كل الأسابيع الأربعة لبناء الموارد، وعند جل الحصص والمواد، فأسناد درس العقيدة وغيرها ينطلق أساسا من النص القرآني، ولو حتى باستحضار آيات أخرى بديلة تدعم انطلاقة بناء موارد حصة الدرس الجديد. وهذا تفكير يخدم الحقل الديني المدرسي من خلال ربط المتعلم بالنص القرآني التشريعي الأول.
الإصلاح الاستعجالي للحقل الديني المدرسي، تحقق بالتنزيل، واتضحت أسباب نزوله الداخلية والخارجية. لكن لم تتحقق معه مراعاة الانسجام بين المواد الدراسية والتناسق في الامتداد والتقاطع، حتى في البعد التدبير الزمني للمجزوءات التعليمية. لم يتحقق معه تحديث محتويات عدة التربية الإسلامية وفق التطور المعلوماتي الحديث(إصدار أقراص مدمجة تضم كتب المتعلم ومراجع الأستاذ(ة)) ، لم تتحقق معه تفعيل الخطة الوطنية الإستراتيجية لمشروع المؤسسة، عبر هيكلة ضابطة في حلة مشاريع تربوية (مشروع المؤسسة / مشروع الفصل الدراسي/مشروع المتعلم في مكون التربية الإسلامية الإدماجية). لم يتحقق معه البحث عن تنمية الفكر النقدي لكل مشينات ومظاهر الانحرافات الاجتماعية عن قيم العقيدة الإسلامية السمحة، لم يتحقق معه استعمال العقل التحصيني من كل الانزلاقات السلوكية نحو الإسلام السياسي الراديكالي.
ذ محسن الأكرمين (باحث تربوي)- mohsineelak@gmail.com