بقلم : ذ محسن زردان
لم تعد أزمة المنظومة التعليمية تقتصر فقط على إفلاس المخططات والاستراتيجيات المتبعة منذ عقود، بل تعداه إلى الافلاس والتآكل التدريجي لمنظومة الموارد البشرية المشتغلة بالقطاع، وقد كانت خطوة تقديم مدير مديرية الموارد البشرية وتكوين الأطر لاستقالته خلال الأسابيع القليلة الماضية، خطوة تحمل أكثر من دلالة حول مدى إدراكه لحجم الاختلالات المقبلة التي ستصيب قطاع الموارد البشرية ، وبالتالي فضل الانسحاب في صمت بدل انتظار أيام عصيبة، تأكدت بالملموس شرارتها مع إحالة عدد كبير من الأطر التربوية والادارية سواء إلى التقاعد حد السن أو إلى التقاعد النسبي، هذا الأخير كانت نسبة مغادريه جد مرتفعة، طرحت عديد الأسئلة حول المغزى من إدراك الوزارة الوصية لحجم الخصاص المهول في الموارد البشرية، لكنها آثرت الموافقة على مغادرتهم بأفواج كبيرة، تاركة فراغا مهولا لا ندري كيف ستواجه تبعاته.
هذا المعطى فتح الباب أمام مصراعيه لتأويلات كثيرة، تذهب في اتجاه توجه حكومي جديد، يرتكز على تفعيل صيغة التوظيف بالتعاقد، الذي يتيح للدولة الاقتصاد في ميزانيتها تماشيا مع توصيات المؤسسات المالية الدولية المتمثلتين في صندوقي النقد والبنك الدوليين.
من جهة أخرى، بدأت الوزارة الوصية تلمح بالتدريج لما ستؤول إليه الأوضاع خلال هذا الموسم الدراسي، من خلال تصريحات لمديرين مركزيين بالوزارة، حول مواجهتهم لخيار صعب، إما بالتدريس عن طريق دمج الأقسام المشتركة، وكذا القبول بمبدأ الاكتظاظ، أو مواجهة التلاميذ لشبح الشارع، مما يؤكد أن الأطر التربوية والادارية مقبلة على أيام صعبة ستتحمل معها تبعات هذا الخصاص المهول في الموارد البشرية.
في السياق ذاته، تنزيل الجهوية الموسعة من خلال التقسيم الجهوي الجديد للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الاقليمية المحدثة، وما صاحبه من هيكلة جديدة تروم خلق مجموعة من الأقسام والمصالح الجديدة ستصطدم لا محالة بسوء الحكامة في توزيع الموارد البشرية، فضلا عن الخصاص المهول في الموظفين، حيث إلى حدود الساعة مازالت مجموعة من الأكاديميات المحدثة والمدمجة تشتغل بنفس طاقمها من الموظفين، على الرغم من اتساع رقعتها وازدياد حجم الملفات، مما خلق ضغطا كبيرا على الموظفين، وسيادة نوع من التذمر في صفوفها، مما أفرز جوا مشحونا في أروقتها دفعها إلى المطالبة بالانتقال والمغادرة، وهو أمر لم يدفع المسؤولين إلى حدود الساعة إلى ممارسة صلاحياتهم وإيجاد الحلول المناسبة التي من أجلها تقلدوا المسؤولية.
أجل، زحف القطاع الخاص بدأ رويدا رويدا يحكم قبضته على المدن، فأصبحت المدارس الخاصة تغزو أغلب أحياء المدن، وبدأ تراجع الاقبال على المدرسة العمومية في تزايد، حتى أن عددا من الأحياء في بعض المناطق الراقية وسط المدن تغلق أبوابها، وبالتالي تمثل صيدا ثمينا للوبيات العقار، كل ذلك نتيجة لضرب صورة المدرسة العمومية في مقتل، مما قد يفضي في المستقبل القريب إن استمرت هذه الوتيرة على حالها، إلى رسم خارطة التعليم في المغرب جديدة، تتمثل في قطاع خاص يهيمن على المدن والحواضر، وقطاع عام سوف يقتصر تواجده بقوة في العالم القروي وبالمناطق النائية.
على المستوى السياسي، هناك إجماع من الأحزاب والفاعلين السياسيين في خطاباتهم على أهمية التعليم كأولوية من أولويات الدولة، لكن ذلك يقتصر فقط على المستوى الخطاب ، في حين أننا مقبلين على الانتخابات البرلمانية ولا يوجد هناك تصور حقيقي للأحزاب حول منظورهم واستراتيجيتهم لإصلاح التعليم، وليس لهم أي استعداد لتقديم التزامات في حالة وصولهم للحكومة بأولوية تحملهم مسؤولية الاشراف على وزارة التعليم، بدل الهروب منها والنأي عنها، بدعوى حساسية موقعها والكم الهائل من المشاكل التي ترزح في ظلها، مما قد يجلب عليهم نقمة ضياع حصونهم الانتخابية.
أمام هذه الوضعية الصعبة التي تواجه دخولنا المدرسي الجديد، فإن مآل الرؤية الاستراتيجية 2015_2030 لن يختلف عن سابقيه، وسنعيد اجترار سيناريوهات الماضي مجددا.
لم تعد أزمة المنظومة التعليمية تقتصر فقط على إفلاس المخططات والاستراتيجيات المتبعة منذ عقود، بل تعداه إلى الافلاس والتآكل التدريجي لمنظومة الموارد البشرية المشتغلة بالقطاع، وقد كانت خطوة تقديم مدير مديرية الموارد البشرية وتكوين الأطر لاستقالته خلال الأسابيع القليلة الماضية، خطوة تحمل أكثر من دلالة حول مدى إدراكه لحجم الاختلالات المقبلة التي ستصيب قطاع الموارد البشرية ، وبالتالي فضل الانسحاب في صمت بدل انتظار أيام عصيبة، تأكدت بالملموس شرارتها مع إحالة عدد كبير من الأطر التربوية والادارية سواء إلى التقاعد حد السن أو إلى التقاعد النسبي، هذا الأخير كانت نسبة مغادريه جد مرتفعة، طرحت عديد الأسئلة حول المغزى من إدراك الوزارة الوصية لحجم الخصاص المهول في الموارد البشرية، لكنها آثرت الموافقة على مغادرتهم بأفواج كبيرة، تاركة فراغا مهولا لا ندري كيف ستواجه تبعاته.
هذا المعطى فتح الباب أمام مصراعيه لتأويلات كثيرة، تذهب في اتجاه توجه حكومي جديد، يرتكز على تفعيل صيغة التوظيف بالتعاقد، الذي يتيح للدولة الاقتصاد في ميزانيتها تماشيا مع توصيات المؤسسات المالية الدولية المتمثلتين في صندوقي النقد والبنك الدوليين.
من جهة أخرى، بدأت الوزارة الوصية تلمح بالتدريج لما ستؤول إليه الأوضاع خلال هذا الموسم الدراسي، من خلال تصريحات لمديرين مركزيين بالوزارة، حول مواجهتهم لخيار صعب، إما بالتدريس عن طريق دمج الأقسام المشتركة، وكذا القبول بمبدأ الاكتظاظ، أو مواجهة التلاميذ لشبح الشارع، مما يؤكد أن الأطر التربوية والادارية مقبلة على أيام صعبة ستتحمل معها تبعات هذا الخصاص المهول في الموارد البشرية.
في السياق ذاته، تنزيل الجهوية الموسعة من خلال التقسيم الجهوي الجديد للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الاقليمية المحدثة، وما صاحبه من هيكلة جديدة تروم خلق مجموعة من الأقسام والمصالح الجديدة ستصطدم لا محالة بسوء الحكامة في توزيع الموارد البشرية، فضلا عن الخصاص المهول في الموظفين، حيث إلى حدود الساعة مازالت مجموعة من الأكاديميات المحدثة والمدمجة تشتغل بنفس طاقمها من الموظفين، على الرغم من اتساع رقعتها وازدياد حجم الملفات، مما خلق ضغطا كبيرا على الموظفين، وسيادة نوع من التذمر في صفوفها، مما أفرز جوا مشحونا في أروقتها دفعها إلى المطالبة بالانتقال والمغادرة، وهو أمر لم يدفع المسؤولين إلى حدود الساعة إلى ممارسة صلاحياتهم وإيجاد الحلول المناسبة التي من أجلها تقلدوا المسؤولية.
أجل، زحف القطاع الخاص بدأ رويدا رويدا يحكم قبضته على المدن، فأصبحت المدارس الخاصة تغزو أغلب أحياء المدن، وبدأ تراجع الاقبال على المدرسة العمومية في تزايد، حتى أن عددا من الأحياء في بعض المناطق الراقية وسط المدن تغلق أبوابها، وبالتالي تمثل صيدا ثمينا للوبيات العقار، كل ذلك نتيجة لضرب صورة المدرسة العمومية في مقتل، مما قد يفضي في المستقبل القريب إن استمرت هذه الوتيرة على حالها، إلى رسم خارطة التعليم في المغرب جديدة، تتمثل في قطاع خاص يهيمن على المدن والحواضر، وقطاع عام سوف يقتصر تواجده بقوة في العالم القروي وبالمناطق النائية.
على المستوى السياسي، هناك إجماع من الأحزاب والفاعلين السياسيين في خطاباتهم على أهمية التعليم كأولوية من أولويات الدولة، لكن ذلك يقتصر فقط على المستوى الخطاب ، في حين أننا مقبلين على الانتخابات البرلمانية ولا يوجد هناك تصور حقيقي للأحزاب حول منظورهم واستراتيجيتهم لإصلاح التعليم، وليس لهم أي استعداد لتقديم التزامات في حالة وصولهم للحكومة بأولوية تحملهم مسؤولية الاشراف على وزارة التعليم، بدل الهروب منها والنأي عنها، بدعوى حساسية موقعها والكم الهائل من المشاكل التي ترزح في ظلها، مما قد يجلب عليهم نقمة ضياع حصونهم الانتخابية.
أمام هذه الوضعية الصعبة التي تواجه دخولنا المدرسي الجديد، فإن مآل الرؤية الاستراتيجية 2015_2030 لن يختلف عن سابقيه، وسنعيد اجترار سيناريوهات الماضي مجددا.
محسن زردان
متصرف بأكاديمية الدار البيضاء- سطات