مقدمة :
شهدت بلدان المشرق العربي ، في فترة ما بين الحربين ، نشأة الحركة الوطنية التي تصاعد كفاحها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية . فكانت النتيجة هي حصول بلدان المنطقة على الاستقلال . فما هي التطورات السياسية بالمشرق العربي في مرحلة ما بين الحربين و فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية؟
التطورات السياسية بالمشرق العربي في فترة ما بين الحربين :
أدى كفاح مصر إلى حصولها على استقلال مشروط :
* في سنة 1919 اندلعت ثورة شعبية كبرى قادها "حزب الوفد" بزعامة سعد زغلول أرغمت إنجلترا سنة 1922على استبدال نظام الحماية بالحكم الذاتي الذي ترأسه الملك فؤاد الأول.
* خلال الثلاثينات اتبعت ألمانيا النازية سياسة خارجية توسعية ،وبالتالي أصبحت ملامح الحرب العالمية الثانية تلوح في الأفق .ولهذا عملت إنجلترا على استقطاب الجناح المعتدل من حزب "الوفد" بقيادة مصطفى النحاس ، فتم التوقيع على معاهدة الزعفران سنة 1936 التي بموجبها حصلت مصر على استقلال مشروط بعدة قيود منها: إشراف إنجلترا على قناة السويس والسودان ، وجعل الأراضي المصرية والبنيات التحتية رهن إشارة القوات الإنجليزية في حالة اندلاع حرب مستقبلية.( ح.ع . الثانية )
حصل العراق والشام على استقلال شكلي :
* فرضت إنجلترا سنة 1920 انتدابها على العراق ،وفي السنة الموالية عينت فيصل بن الحسين ملكا على البلاد . فكانت النتيجة انطلاق المقاومة المسلحة العراقية ، واضطرت إنجلترا إلى التوقيع على معاهدة 1930 التي منحت العراق استقلالا مقترنا بقيود منها الإبقاء على المصالح الاقتصادية والعسكرية الإنجليزية.
* بمجرد فرض الانتداب الفرنسي( 1920) على الشام ، انعقد المؤتمر السوري العام الذي طالب باستقلال البلاد. غير أن الاستعمار الفرنسي تجاهل هذا النداء، وتابع سيطرته السياسية والعسكرية واستغلاله الاقتصادي. لهذا قامت الثورة السورية الكبرى في فترة 1925 و 1927 بزعامة السلطان الأطرش ( زعيم قبائل الدروز).
* أمام تصاعد نشاط الحركة الوطنية السورية في الثلاثينات وبداية توتر العلاقات الدولية في أوربا ،اعترفت فرنسا سنة 1936 باستقلال سوريا ولبنان مع احتفاظها بالقواعد العسكرية في البلدين والإشراف على شؤونهما الخارجية.
* في سنة 1921 فصلت إنجلترا الأردن عن فلسطين وعينت عبد الله بن الحسين ملكا على البلاد.
تأسست المملكة العربية السعودية ، وشرع الغرب في استغلال بترول الخليج :
* كانت شبة الجزيرة العربية في مطلع القرن 20 مجزءة إلى عدة إمارات ،وكانت سواحلها الشرقية والجنوبية خاضعة للحماية الإنجليزية. وقد عمل عبد العزيز آل سعود على نشر المذهب الوهابي انطلاقا من منطقتي نجد والأحساء ، وإخضاع باقي الإمارات. وبالتالي تأسيس المملكة العربية السعودية سنة 1932.
* بموجب معاهدة لوزان 1923، اعترفت بريطانيا باستقلال اليمن الشمالية ( عاصمتها صنعاء). بينما ظلت محتفظة بمحمياتها في السواحل الشرقية والجنوبية لشبة الجزيرة العربية.
* في فترة ما بين الحربين، تسابقت الشركات الأوربية والأمريكية من أجل استغلال البترول في شبة الجزيرة العربية و العراق ، وحققت من وراء ذلك أرباحا طائلة.
التطورات السياسية بالمشرق العربي بعد الحرب العالمية الثانية :
قامت بمصر ثورة 1952 التي تلاها العدوان الثلاثي :
* بعد الحرب العالمية الثانية تصاعدت الحركةالوطنية المصرية. فكانت النتيجة قيام ثورة الضباط الأحرار بزعامة جمال عبد الناصر في يوليوز 1952 :حيث أطيح بنظام الملك فاروق ، وقضي على الامتيازات الأجنبية وضمنها شركة قناة السويس الذي تم تأميمها. فكان رد فعل إنجلترا وفرنسا وإسرائيل هو القيام بهجوم عسكري على مصر سنة 1956( عرف بالعدوان الثلاثي).
* إلى جانب مناهضة الإمبريالية ، قامت الدولة الناصرية ( 1952-1970)على مبادئ أخرى منها :تقوية البلاد عسكريا، وتحرير الوطن العربي وتوحيده.
بعد الاستقلال ، دخل العراق والشام مرحلة عدم الاستقرار السياسي :
* في سنة 1953 تولى فيصل الثاني الملك على العراق تحت وصاية الوزير " نور السعيد " الذي أقام نظاما استبداديا ، وساهم في انضمام العراق إلى حلف بغداد ( تركيا – العراق – إيران- باكستان ) الموالي للولايات المتحدة الأمريكية. وفي سنة 1958 تزعم عبد الكريم قاسم انقلابا عسكريا انتهى بسقوط النظام الملكي، وإعدام نور السعيد. بعد ذلك دخل العراق مرحلة الصراعات السياسية التي انتهت بوصول حزب البعث العراقي إلى السلطة خلال الستينات .
* أمام تصاعد المقاومة المسلحة في بلاد الشام، اضطرت فرنسا إلى سحب قواتها من سوريا ولبنان وإلغاء القيود المقترنة باستقلال سنة 1946 . في نفس السنة ألغي الانتداب الإنجليزي بالأردن ، واعترف باستقلال البلاد تحت اسم المملكة الهاشمية الأردنية بقيادة عبد الله بن الحسين.
* بعد الاستقلال، دخلت سوريا مرحلة الاضطرابات السياسية التي آلت إلى وصول حزب البعث السوري إلى الحكم في منتصف الستينات ، في حين عاش لبنان في الفترة 1975-1990 الحرب الأهلية بين الطوائف الدينية والعرقية .
حصلت دول الخليج العربي على استقلالها وحاولت التحكم في استغلال ثراوتها الطبيعية :
* أمام تصاعد المد التحرري في بلدان الخليج العربي، اضطرت إنجلترا إلى الاعتراف باستقلال الكويت سنة 1961 واليمن الجنوبية ( عاصمتها عدن ) 1967 واستقلال كل من سلطنة عمان والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة سنة 1971.
* حاولت دول الخليج العربي التحكم في استغلال ثرواتها البترولية فأنشأت منظمة الدول المصدرة للبترول، وعملت على تأميم شركات النفط والتخفيف من الاحتكارات الأمريكية .
خاتمة :
استقلت دول المشرق العربي، لكنها ظلت تعاني من التبعية اتجاه الدول الكبرى. كما عرفت تباينا من حيث النمو الاقتصادي والاجتماعي.
إعداد : ذ . المصطفى قصباوي
شرح الدرس بالفيديو :الملخص بصيغة أخرى:
لتحميل المرجو الضغط هنا PDF