مراسلة:ذ.عبدالجليل لعميري/استاذ بثانوية القدس التاهيلية بالشماعية
يعتمد الكتاب المدرسي الخاص باللغة العربية لمستويات الثانية أدب وعلوم إنسانية (بنماذجه الثلاثة)على مرجعيتين نقديتين ونظريتين في تحليله للقصة القصيرة وفي اقتراحه لخطاطات تحليلية لها ،وتتلخص المرجعيتان في :
1/ النظرية الشعرية وما يرتبط بها من نقود شعرية تمتح من الشكلانيين الروس ونظرية بروب خصوصا ، ونماذجها الموسعة والمطورة مع كل من تزفيتان تودوروف و جيرار جنيت...وغيرهما...ويعتمد التحليل الشعري على المفاهيم الحكائية الاتية :
1-1/ المتن الحكائي (الأحداث).
2-1/ السارد (الرؤية السردية).
3-1/ الشخصيات (التركيز على العنصر البشري).
4-1/ المكان /الفضاء.
5-1/الزمن (السردي).
6-1/اللغة الحكائية(بأنواعها الثلاثة :السرد/الوصف/الحوار).
2/النظرية السيميائية وما يرتبط بها من تحاليل سيميائية تمتح من النظرية السيميائية العامة (رولان بارت/شارل سندرس بورس..) ومن بنيويات النقد والانتربولوجيا (لفي ستراوش).وخصوصا مع الناقد الفرنسي غريماس الذي يأخذ الكتاب المدرسي عنه المفاهيم التالية :
1-2/ الخطاطة السردية و ما يرتبط بها من مفاهيم (وضعية البداية و ونوعياتها،العنصر المخل ودوره في تغيير مسار الأحداث ، وضعية الوسط ووجود عقدة تقتضي انفراجا أو حلا ،ثم وضعية النهاية ونوعية النهايات..)
2-2/ النموذج العاملي وما يرتبط به من مفاهيم (المرسل والمرسل إليه/الذات والموضوع/المساعد والمعاكس)،وما يستتبع ذلك من علاقات ووظائف داخل النص القصصي(وأيضا النص المسرحي).
وبملاحظتنا لتجاور هذين النظريتين النقديتين داخل الكتاب المدرسي نسجل :
- غياب المبررات العلمية والمعرفية لهذا التجاور والذي يتسبب في التباسات سلبية سواء عند التلاميذ (بدرجة عالية لان الكتاب المدرسي موجه إليهم أولا) او عند الأساتذة (خصوصا الذين لديهم اهتمام اقل بالسرد واهتموا خلال دراساتهم الجامعية بالشعر او الأدب القديم ولا يتابعون بانتظام مستجدات المشهد الحكائي في زمن الرواية كما يقال).
- الجمع التعسفي بين التحليلين خلال تحليل النص التطبيقي او كتابة إنشاء لتحليل نص إبداعي.
- هذا الجمع التعسفي سببه عدم القدرة على التمييز بين التحليلين واختلاف مرجعيتهما.
- التعامل الانتقائي مع نظرية غريماس التي تقوم على مشروع متكامل ليست الخطاطة السردية والنموذج العاملي سوى عنصرين ضمنه.
* من الكتاب المدرسي الى مطلوب الامتحان الوطني : الالتباس يتكرس..
يتطلب الكتاب المدرسي(كتاب التلميذ) تعاملا خاصا من الأستاذ(ة) يقوم على التعامل معه كوثيقة تربوية مساعدة قابلة للنقد وذلك بالتركيز على :
-القراءة المتفحصة للكتاب لفهم معطياته وتصحيح المعارف التي يقدمها للتلميذ(ة).
-العمل على التوسع معرفيا في المفاهيم المستعملة داخل الكتاب وإعدادها بشكل جيد وتصويب ما يستحق ذلك أو تعديل وترميم ما يحتاج لذلك...
- نقد الاختيارات المعرفية والديداكتيكية المعتمدة في الكتاب وفتح نقاش جدي حولها..
لان هذا هو الذي يساعد على تجنب الالتباسات والانزلاقات الحافة بعملية القراءة والإقراء ، والتي قد تمتد الى مطلوب الامتحان الوطني..
وهنا نشير الى مشاكل كثيرة تظهر خلال الامتحان الوطني نذكر منها :
- اعتماد مقتطف روائي (عن رواية حكايات حارتنا/لنجيب محفوظ) كنص قصصي تحت عنوان(الحكاية8/الدورة العادية2012). وهو خرق للميثاق البيداغوجي الذي وضعته الوزارة مع الأساتذة والتلاميذ.(وخلال تسجيل الملاحظة يوم الامتحان على المسؤولين كان الجواب صادما : ماشي مشكل ...بحال بحال)؟؟؟؟
- يطلب من التلميذ تلخيص أحداث القصة ثم تقطيع النص الى متوالياته ومقاطعه باستثمار خطاطته السردية ، والعمليتان – حسب فهمي المتواضع- لهما نفس الهدف المعرفي والديداكتيكي : وهو تحليل أحداث القصة ، فلماذا نحللهما بأداتين مختلفتين لنصل لنفس الهدف مع ما يسببه ذلك من تكرار واجتراروتشويش.
ورغم ما في الامر من "تعسف" فكان بالإمكان دمج المطلبين في مطلوب واحد (مثل ما كان عليه الحال في امتحان 2010) :تلخيص احداث القصة و رصد تطورها وفق الخطاطة السردية..).
- ولم يطلب من التلميذ (حسب ملاحظتنا للامتحانات الوطنية المخصصة للقصة القصيرة:2008/2015) ان يوظف النموذج العاملي قط رغم أنه لصيق نظريا بالخطاطة السردية من جهة، والشخصيات من جهة أخرى ( وما تحليل الشخصيات في النظرية الشعرية سوى هو النموذج العاملي في نظرية غريماس السيميائية..).
وهنا يطرح اشكال على المصححين :
- كيف سيتعامل الاستاذ(ة)المصحح(ة) مع إجابات توظف النموذج العاملي والمطلوب لا يركز سوى على تحليل الشخصيات ؟ هل سيحتسب جواب التلميذ(ة) ان كان صحيحا ؟هل سيعاقب(تعاقب) على الخطأ؟ وماذا يفعل المصحح(ة) إزاء سلم التنقيط المسبق والذي يخصص لكل إجابة محتملة نقطة محددة حسب أنموذج عناصر الإجابة المرفق بأوراق التصحيح(تحليل الشخصيات مثلا 2ن)؟؟
* ملاحظات عامة : اخطاء شائعة..
في بعض الكتابات المنشورة عبر الانترنيت (او الممارسات الصفية التي اطلعنا عليها)هناك من يحدد ضمن مطلوب تحليل قصة قصيرة :
- تلخيص الأفكار (وهو لعمري مطلوب لا يناسب طبيعة القصة الحكائية وإنما يناسب طبيعة الكتابة المقالية النظرية والنقدية).
- تلخيص الأحداث (في بداية العرض) و الخطاطة السردية في أخر العرض قبل خاتمة الموضوع.
- المطالبة بتحليل النموذج العاملي في نهاية العرض (رغم المطالبة بتحليل الشخصيات في بداية العرض مباشرة بعد الأحداث).
- الخلط بين خصائص المقطع الروائي(مثال : الحكاية 8 بلا بداية ولا نهاية لان بدايتها توجد في الفصل 1 من الرواية ونهايتها توجد في أخر الرواية) وخصائص القصة القصيرة (لكل قصة قصيرة بدايتها المحددة فيها ونهايتها المرتبطة بها كنص مكتمل).ومن هنا يعتبر اقتراح مقطع روائي باعتباره قصة قصيرة (الحكاية8/2012) فضيحة معرفية وتربوية بكل المقاييس.....
*على سبيل الختم :
ان تدريس النص الحكائي بالتعليم الثانوي التاهيلي يعتريه الكثير من اللبس والتخبط ، ولعل ذلك بسبب عدم انسجام تصورات معدي الكتب المدرسية من جهة ، والنزوع التلفيقي في الكتاب المدرسي (من كل فن طرف)على حساب التجانس والتكامل الوظيفيين. بالإضافة إلى الاعتماد الكلي على الكتاب المدرسي من طرف البعض بدون تمحيص ومراجعة.
ولهذا كان من المستحسن الاعتماد على نظرية واحدة (هي خلاصة لتجارب نظرية متعددة) هي الأقرب إلى السهولة بدل التخبط بين نظريتين بدون حسم نظري بينهما ، وهذه النظرية هي الشعرية وما راكمته من تحليل "علمي للسرد" رسمه روادها وعمقه ووسعه تلامذتهم لدرجة أصبحت مفاهيم النظرية فعالة وإجرائية أكثر من غيرها.وهنا نقدم مقارنة أولية وبسيطة بين النظرية الشعرية والنظرية السيميائية في السرد :
يقول سعيد بنكراد :" وتعود السيميائيات السردية إلى أصول متنوعة تتحدد في اللسانيات البنيوية (دوسوسير) والتوليدية (شومسكي) والشكلانية الروسية (أعمال فلاديمير بروب) والبنيوية الأنثروبولوجية (كلود لفي ستراوس) والدراسات المنطقية (أعمال بروندال) والفيزياء (كمفهوم التشاكل Isotopie)... إلخ.
لقد وضع كريماس هيكلا عاما يسمى المسار التوليدي "Parcours generatif" ويشمل ثلاثة مستويات متعالقة فيما بينها تحكمها بنيتان:
1) البينية السميائية السردية وتتكون من:
أ - المستوى المورفولوجي (العميق): ويرصد البعد الدلالي والمنطقي.
ب - المستوى التركيبي: ويرصد التحويل من النظام المنطقي إلى نظام التركيب السردي.
2) البنية الخطابية وتتحدد في:
- مستوى التركيب الخطابي ويتحقق انطلاقا من الصوغ الخطابي للبنية السميائية السردية.
(بنكراد/ مدخل إلى الدراسات السيميائية بالمغرب محاولة تركيبية).
في حين يقول د.عمر عيلان عن الشعرية من خلال اهم ممثليها :
(وإذا سعينا إلى رسم معالم النظرية النقدية عند تودوروف، نجدها لا تختلف كثيراً عن المسار الذي خطاه رولان بارت، والمتمثل في الانطلاق من الأطروحة البنيوية اللسانية في تحليل السرد، ليتحول بعد ذلك إلى مفهوم الشعرية والنقد الحواري).
وان كان للمدرستين بعض الأطر المرجعية المشتركة فان لكل منها مفاهيمها الإجرائية وأولوياتها في التحليل ورؤيتها للموضوع ، ولعل الجدول التالي يوضح بعض أوجه الاختلاف أو الاتفاق بينهما(على مستوى تحليل السرد):
النظرية الشعرية النظرية السيميائية ملاحظات
- التمييز بين القصة والخطاب(الحكاية وطريقة حكيها).
-المتن الحكائي(القصة/الحكاية /الوقائع).
- السارد(الرؤية السردية): الرؤية من خلف/الرؤية المصاحبة/الرؤية من خارج.
- الشخصيات (الأساسية/الثانوية /العابرة/البطولة/الصفات والعلاقات والأدوار..).
-المكان (او الفضاء ولم تهتم به الشعرية الا لاحقا ليصبح أساسيا في دعم باقي عناصر الحكي).
-الزمن (السردي اوالحكائي) وقد حظي باهتمام كبير.
- اللغة (الحكائية) واهتمت بها الشعرية وبأنواعها (نحو السرد). -المسار التوليدي :
+ البينية السميائية السردية:
* المستوى المورفولوجي (العميق).
*المستوى التركيبي.
+المستوى الخطابي.
*استعمال مفاهيم إجرائية خاصة من قبيل :
- الخطاطة السردية .
-النموذج العاملي.
-القوى الفاعلة/العوامل..
- المربع السيميائي. *نلاحظ غياب مفاهيم خاصة بالمكان والزمان والسارد بشكل واضح يمكن ان يستوعب مدرسيا(ديداكتيكيا).
*صعوبة نظرية غريماس أنها غير قابلة للتجزئة أو الانتقائية وصعبة على مستوى التطبيق الديداكتيكي(المدرسي).على عكس النظرية الشعرية فإنها قابلة للتطويع مع ضرورة امتلاكها معرفيا طبعا.
*صعوبة الجمع بين الطريقتين لصياغة قراءة ديداكتيكية سليمة للنص القصصي(او المسرحي)...
*ضرورة الوضوع النظري في اختيار المقاربات النقدية المناسبة لمستوى التلاميذ والاسلاك..
وهكذا نظل في حاجة لمراجعة معرفتنا من اجل تجديدها وتطوير عملنا التربوي،الا ان هذا يظل بلا قيمة حقيقية في ظل برامج ومقررات مدرسية مزمنة وتعمر طويلا الى درجة الملل القاتل....
يعتمد الكتاب المدرسي الخاص باللغة العربية لمستويات الثانية أدب وعلوم إنسانية (بنماذجه الثلاثة)على مرجعيتين نقديتين ونظريتين في تحليله للقصة القصيرة وفي اقتراحه لخطاطات تحليلية لها ،وتتلخص المرجعيتان في :
1/ النظرية الشعرية وما يرتبط بها من نقود شعرية تمتح من الشكلانيين الروس ونظرية بروب خصوصا ، ونماذجها الموسعة والمطورة مع كل من تزفيتان تودوروف و جيرار جنيت...وغيرهما...ويعتمد التحليل الشعري على المفاهيم الحكائية الاتية :
1-1/ المتن الحكائي (الأحداث).
2-1/ السارد (الرؤية السردية).
3-1/ الشخصيات (التركيز على العنصر البشري).
4-1/ المكان /الفضاء.
5-1/الزمن (السردي).
6-1/اللغة الحكائية(بأنواعها الثلاثة :السرد/الوصف/الحوار).
2/النظرية السيميائية وما يرتبط بها من تحاليل سيميائية تمتح من النظرية السيميائية العامة (رولان بارت/شارل سندرس بورس..) ومن بنيويات النقد والانتربولوجيا (لفي ستراوش).وخصوصا مع الناقد الفرنسي غريماس الذي يأخذ الكتاب المدرسي عنه المفاهيم التالية :
1-2/ الخطاطة السردية و ما يرتبط بها من مفاهيم (وضعية البداية و ونوعياتها،العنصر المخل ودوره في تغيير مسار الأحداث ، وضعية الوسط ووجود عقدة تقتضي انفراجا أو حلا ،ثم وضعية النهاية ونوعية النهايات..)
2-2/ النموذج العاملي وما يرتبط به من مفاهيم (المرسل والمرسل إليه/الذات والموضوع/المساعد والمعاكس)،وما يستتبع ذلك من علاقات ووظائف داخل النص القصصي(وأيضا النص المسرحي).
وبملاحظتنا لتجاور هذين النظريتين النقديتين داخل الكتاب المدرسي نسجل :
- غياب المبررات العلمية والمعرفية لهذا التجاور والذي يتسبب في التباسات سلبية سواء عند التلاميذ (بدرجة عالية لان الكتاب المدرسي موجه إليهم أولا) او عند الأساتذة (خصوصا الذين لديهم اهتمام اقل بالسرد واهتموا خلال دراساتهم الجامعية بالشعر او الأدب القديم ولا يتابعون بانتظام مستجدات المشهد الحكائي في زمن الرواية كما يقال).
- الجمع التعسفي بين التحليلين خلال تحليل النص التطبيقي او كتابة إنشاء لتحليل نص إبداعي.
- هذا الجمع التعسفي سببه عدم القدرة على التمييز بين التحليلين واختلاف مرجعيتهما.
- التعامل الانتقائي مع نظرية غريماس التي تقوم على مشروع متكامل ليست الخطاطة السردية والنموذج العاملي سوى عنصرين ضمنه.
* من الكتاب المدرسي الى مطلوب الامتحان الوطني : الالتباس يتكرس..
يتطلب الكتاب المدرسي(كتاب التلميذ) تعاملا خاصا من الأستاذ(ة) يقوم على التعامل معه كوثيقة تربوية مساعدة قابلة للنقد وذلك بالتركيز على :
-القراءة المتفحصة للكتاب لفهم معطياته وتصحيح المعارف التي يقدمها للتلميذ(ة).
-العمل على التوسع معرفيا في المفاهيم المستعملة داخل الكتاب وإعدادها بشكل جيد وتصويب ما يستحق ذلك أو تعديل وترميم ما يحتاج لذلك...
- نقد الاختيارات المعرفية والديداكتيكية المعتمدة في الكتاب وفتح نقاش جدي حولها..
لان هذا هو الذي يساعد على تجنب الالتباسات والانزلاقات الحافة بعملية القراءة والإقراء ، والتي قد تمتد الى مطلوب الامتحان الوطني..
وهنا نشير الى مشاكل كثيرة تظهر خلال الامتحان الوطني نذكر منها :
- اعتماد مقتطف روائي (عن رواية حكايات حارتنا/لنجيب محفوظ) كنص قصصي تحت عنوان(الحكاية8/الدورة العادية2012). وهو خرق للميثاق البيداغوجي الذي وضعته الوزارة مع الأساتذة والتلاميذ.(وخلال تسجيل الملاحظة يوم الامتحان على المسؤولين كان الجواب صادما : ماشي مشكل ...بحال بحال)؟؟؟؟
- يطلب من التلميذ تلخيص أحداث القصة ثم تقطيع النص الى متوالياته ومقاطعه باستثمار خطاطته السردية ، والعمليتان – حسب فهمي المتواضع- لهما نفس الهدف المعرفي والديداكتيكي : وهو تحليل أحداث القصة ، فلماذا نحللهما بأداتين مختلفتين لنصل لنفس الهدف مع ما يسببه ذلك من تكرار واجتراروتشويش.
ورغم ما في الامر من "تعسف" فكان بالإمكان دمج المطلبين في مطلوب واحد (مثل ما كان عليه الحال في امتحان 2010) :تلخيص احداث القصة و رصد تطورها وفق الخطاطة السردية..).
- ولم يطلب من التلميذ (حسب ملاحظتنا للامتحانات الوطنية المخصصة للقصة القصيرة:2008/2015) ان يوظف النموذج العاملي قط رغم أنه لصيق نظريا بالخطاطة السردية من جهة، والشخصيات من جهة أخرى ( وما تحليل الشخصيات في النظرية الشعرية سوى هو النموذج العاملي في نظرية غريماس السيميائية..).
وهنا يطرح اشكال على المصححين :
- كيف سيتعامل الاستاذ(ة)المصحح(ة) مع إجابات توظف النموذج العاملي والمطلوب لا يركز سوى على تحليل الشخصيات ؟ هل سيحتسب جواب التلميذ(ة) ان كان صحيحا ؟هل سيعاقب(تعاقب) على الخطأ؟ وماذا يفعل المصحح(ة) إزاء سلم التنقيط المسبق والذي يخصص لكل إجابة محتملة نقطة محددة حسب أنموذج عناصر الإجابة المرفق بأوراق التصحيح(تحليل الشخصيات مثلا 2ن)؟؟
* ملاحظات عامة : اخطاء شائعة..
في بعض الكتابات المنشورة عبر الانترنيت (او الممارسات الصفية التي اطلعنا عليها)هناك من يحدد ضمن مطلوب تحليل قصة قصيرة :
- تلخيص الأفكار (وهو لعمري مطلوب لا يناسب طبيعة القصة الحكائية وإنما يناسب طبيعة الكتابة المقالية النظرية والنقدية).
- تلخيص الأحداث (في بداية العرض) و الخطاطة السردية في أخر العرض قبل خاتمة الموضوع.
- المطالبة بتحليل النموذج العاملي في نهاية العرض (رغم المطالبة بتحليل الشخصيات في بداية العرض مباشرة بعد الأحداث).
- الخلط بين خصائص المقطع الروائي(مثال : الحكاية 8 بلا بداية ولا نهاية لان بدايتها توجد في الفصل 1 من الرواية ونهايتها توجد في أخر الرواية) وخصائص القصة القصيرة (لكل قصة قصيرة بدايتها المحددة فيها ونهايتها المرتبطة بها كنص مكتمل).ومن هنا يعتبر اقتراح مقطع روائي باعتباره قصة قصيرة (الحكاية8/2012) فضيحة معرفية وتربوية بكل المقاييس.....
*على سبيل الختم :
ان تدريس النص الحكائي بالتعليم الثانوي التاهيلي يعتريه الكثير من اللبس والتخبط ، ولعل ذلك بسبب عدم انسجام تصورات معدي الكتب المدرسية من جهة ، والنزوع التلفيقي في الكتاب المدرسي (من كل فن طرف)على حساب التجانس والتكامل الوظيفيين. بالإضافة إلى الاعتماد الكلي على الكتاب المدرسي من طرف البعض بدون تمحيص ومراجعة.
ولهذا كان من المستحسن الاعتماد على نظرية واحدة (هي خلاصة لتجارب نظرية متعددة) هي الأقرب إلى السهولة بدل التخبط بين نظريتين بدون حسم نظري بينهما ، وهذه النظرية هي الشعرية وما راكمته من تحليل "علمي للسرد" رسمه روادها وعمقه ووسعه تلامذتهم لدرجة أصبحت مفاهيم النظرية فعالة وإجرائية أكثر من غيرها.وهنا نقدم مقارنة أولية وبسيطة بين النظرية الشعرية والنظرية السيميائية في السرد :
يقول سعيد بنكراد :" وتعود السيميائيات السردية إلى أصول متنوعة تتحدد في اللسانيات البنيوية (دوسوسير) والتوليدية (شومسكي) والشكلانية الروسية (أعمال فلاديمير بروب) والبنيوية الأنثروبولوجية (كلود لفي ستراوس) والدراسات المنطقية (أعمال بروندال) والفيزياء (كمفهوم التشاكل Isotopie)... إلخ.
لقد وضع كريماس هيكلا عاما يسمى المسار التوليدي "Parcours generatif" ويشمل ثلاثة مستويات متعالقة فيما بينها تحكمها بنيتان:
1) البينية السميائية السردية وتتكون من:
أ - المستوى المورفولوجي (العميق): ويرصد البعد الدلالي والمنطقي.
ب - المستوى التركيبي: ويرصد التحويل من النظام المنطقي إلى نظام التركيب السردي.
2) البنية الخطابية وتتحدد في:
- مستوى التركيب الخطابي ويتحقق انطلاقا من الصوغ الخطابي للبنية السميائية السردية.
(بنكراد/ مدخل إلى الدراسات السيميائية بالمغرب محاولة تركيبية).
في حين يقول د.عمر عيلان عن الشعرية من خلال اهم ممثليها :
(وإذا سعينا إلى رسم معالم النظرية النقدية عند تودوروف، نجدها لا تختلف كثيراً عن المسار الذي خطاه رولان بارت، والمتمثل في الانطلاق من الأطروحة البنيوية اللسانية في تحليل السرد، ليتحول بعد ذلك إلى مفهوم الشعرية والنقد الحواري).
وان كان للمدرستين بعض الأطر المرجعية المشتركة فان لكل منها مفاهيمها الإجرائية وأولوياتها في التحليل ورؤيتها للموضوع ، ولعل الجدول التالي يوضح بعض أوجه الاختلاف أو الاتفاق بينهما(على مستوى تحليل السرد):
النظرية الشعرية النظرية السيميائية ملاحظات
- التمييز بين القصة والخطاب(الحكاية وطريقة حكيها).
-المتن الحكائي(القصة/الحكاية /الوقائع).
- السارد(الرؤية السردية): الرؤية من خلف/الرؤية المصاحبة/الرؤية من خارج.
- الشخصيات (الأساسية/الثانوية /العابرة/البطولة/الصفات والعلاقات والأدوار..).
-المكان (او الفضاء ولم تهتم به الشعرية الا لاحقا ليصبح أساسيا في دعم باقي عناصر الحكي).
-الزمن (السردي اوالحكائي) وقد حظي باهتمام كبير.
- اللغة (الحكائية) واهتمت بها الشعرية وبأنواعها (نحو السرد). -المسار التوليدي :
+ البينية السميائية السردية:
* المستوى المورفولوجي (العميق).
*المستوى التركيبي.
+المستوى الخطابي.
*استعمال مفاهيم إجرائية خاصة من قبيل :
- الخطاطة السردية .
-النموذج العاملي.
-القوى الفاعلة/العوامل..
- المربع السيميائي. *نلاحظ غياب مفاهيم خاصة بالمكان والزمان والسارد بشكل واضح يمكن ان يستوعب مدرسيا(ديداكتيكيا).
*صعوبة نظرية غريماس أنها غير قابلة للتجزئة أو الانتقائية وصعبة على مستوى التطبيق الديداكتيكي(المدرسي).على عكس النظرية الشعرية فإنها قابلة للتطويع مع ضرورة امتلاكها معرفيا طبعا.
*صعوبة الجمع بين الطريقتين لصياغة قراءة ديداكتيكية سليمة للنص القصصي(او المسرحي)...
*ضرورة الوضوع النظري في اختيار المقاربات النقدية المناسبة لمستوى التلاميذ والاسلاك..
وهكذا نظل في حاجة لمراجعة معرفتنا من اجل تجديدها وتطوير عملنا التربوي،الا ان هذا يظل بلا قيمة حقيقية في ظل برامج ومقررات مدرسية مزمنة وتعمر طويلا الى درجة الملل القاتل....