السيناريو البيداغوجي والتخطيط والتمثلات في الحقل التعليمي التعلمي


 
التدريس مهنة فنية، (فن) بعيد عن المنطق الميكانيكي (الفعل رد الفعل)، هو فن دقيق، يتطلب إعدادًا جيدًا لمن يقوم بممارسته؛ فهو ليس مجرد أداءٍ يمارسه أيُّ فرد وَفْقًا لِما يمتلكه من قدرات عامة، كما هو الأمر في قطاعات أخرى.

ومهنة التدريس لا تعني مجردَ نقل المعلومات من معلِّم إلى طالب، ولكنها تهدف أساسًا إلى تعديل السلوك، وَفْقًا للتحديات الواردة (مهمة شاقة)؛ أي: إن عملية التدريس لا بد أن يصاحبَها تكوين حقيقي، وضبط للمفاهيم والممارسات الصفِّية، وإلا فقدت معناها وأهميتَها، وتحوَّلت من مهمة سامية إلى مهمة آلية تفقد معانيَ الرُّوح والفضيلة.

سنقف في هذا الموجز على مفاهيمَ نراها مهمَّةً وحريَّة بأن نسلّط عليها الضوء، منها: السيناريو البيداغوجي - التخطيط - التمثُّل - التوقُّع.

بيان الفرق بين السيناريو البيداغوجي - التخطيط:
1- يشيرُ مفهوم السيناريو البيداغوجي إلى مختلف الخطوات والإجراءات والتدابير الديديكتيكية والبيداغوجية المتخذة لضبط العملية التعليمية التعلُّمية، يكون فيها المتعلِّم نشِطًا فعَّالاً منتجًا.

 يَستثمر المدرِّس لصناعة السيناريو التكنولوجياتِ الحديثةَ، ومختلف المعينات والمداخل التي يقتضيها السياق التربوي، ويجعلها رافدًا للتعلُّم الذاتي، ويكون السيناريو محدِّدًا للتفاصيل وعناصر العملية؛ إنه نوعٌ من النقل المعرفي من المعرفة المدرَّسة إلى المعرفة المقدَّمة للمتعلِّم الخاص، أخذًا بعين الاعتبار الفوارقَ الفردية ومبادئ الفعالية، بعيدًا عن أساليب التخطيط الجافة المحكومة بالعناصر الأساس والملامح الكبرى.

2- التخطيط للعملية التعليمية التعلمية يتأسَّس على مجموعة من الخطوات والإجراءات والتدابير؛ لتدبير التعلُّم والتعليم بشكل عام أو خاص، ويشمل الزمان والمكان والعتاد، أو الوسائل والفئة المستهدفة، والأهداف والكفايات، والمراحل والتقييم/ والتقويم والدَّعم، وقد يكون التخطيطُ فعَّالاً يراعي محوريةَ المتعلِّم، وإدماج الوسائل والتِّقنيات الحديثة، وقد لا يهتمُّ بها، ولا يشير إلى التفاصيل لتدبير الأنشطة والمداخل.

3- السيناريو خطةٌ وصفية تفصيلية، مكتوبة في تسلسل، تجمع بين الصورة والصوت والحركة، في تدبير الأنشطة، وتخطيط التعلمات، يتولَّى المخرج الأستاذ تنفيذَها وتقويمها؛فبين التَّخطيط والسيناريو علاقة عموم وخصوص، السيناريو يُحِيل إلى الخاصِّ، والتخطيط يُحِيل إلى العامِّ.

ولا ينبغي أن يغفل المتعلم في التخطيط للتعلمات أو صناعة السيناريوهات، بل ينبغي أن يستحضر ويشترك مساهمًا في كل العمليات.

تشكل التمثُّلات وآثار التوقُّع:
يتشكل التمثُّل من ثقافة المحيط الأُسري - المحيط الاجتماعي - من المدرسة - ووسائل الإعلام - والاحتكاكات والتفاعلات ووجهات النظر والمواقف، هي مزيج من عناصرَ متعددة، وقد ترتبط بعضُ التمثُّلات بأحداث خاصة، تساهم مساهمة إجرائية في ترسيخها، وقد تكون التمثُّلات صحيحة، وقد تكون خاطئة، وقد تكون مختلطة.

بالنسبة للتمثُّلات الخاطئة، فإنها تؤثر سلبًا على التعلمات والتفاعلات والعلاقات؛ فالواجب على المربِّين والمدرِّبين والأُسَر، وكل الفاعلين في مجال التوعية، أن يشتغلوا على تمثُّلات الناس (البراعم والكبار)، وخلفيَّاتهم المعرفية؛ فإنها مؤثرة بشكل كبير، إنْ على المستوى الخاصِّ أو العام.

أ) الخاص: في علاقتهم بتصوراتهم ومواقفهم.
ب) العام: في علاقتهم بالمحيط ومجال تأثيرهم.

هذا يجرُّنا للحديث عن تشكُّل الرأي، صناعة الرأي، التي تتدخل فيها عوامل التنشئة، ويتدخل فيها الإعلام الموجّه، خصوصًا (الإعلام الدِّعائي).

التمثُّلات الصحيحة تساعد على بلوغ المراد؛ كونَها تشكِّل ديدنًا موجَّهًا للفكر والسلوك، ولا يعني ذلك أن التمثُّل يجر (يدفع) للفعل، بل يصحِّحُ المسار، ويكمل الوجهة، أما الدافع فهو الوعي والقدرة على التخلُّص من العادات القديمة والمتجذرة.

وهنا تجدر بنا الإشارة إلى أثر التوقُّع، أو آثار باجماليون، وإن كنا نحصر تأثيرها في سوء التصرُّف، الناتج عن سوء التقدير أو الأحكام المسبقة، أما آثارها الإيجابية فيصعُبُ الجزم بها، خصوصًا إذا ضبط الاختبار بعناصرَ موضوعية، فلا يمكن لعينِ أستاذ محنَّك (مكون في التقويم وآلياته) أن تخطئَ المجتهد والمهمل (الذي لم يتمكن من الكفايات المطلوبة).

أما التمثُّلات المختلطة، فينبغي تصفيتُها، وغربلتها، ولا أرى أن تحذف كاملةً ليعاد تشكيلُها وبناؤها؛ لأن تلك مغامرةٌ غير مأمونة العواقب، بل نعالج منها ما استطعنا، عن طريق التعويضِ والتَّحديث.

التوقع في العملية التعليمية التعلُّمية / آثار التوقع:
التوقُّع الإيجابي مهمٌّ في العملية التعليمية التعلُّمية، يمكن أن يُعِين التوقُّع الإيجابيُّ على الوصول إلى نتائجَ إيجابية مرغوبٍ فيها، ولكن لا يعول عليه علميًّا وعمليًّا؛ فهو مجردُ فألٍ حسَن؛ لذا ينبغي التخطيطُ للتعلُّمات، وبناء المعارف والتصدّي للعقبات والمُعيقات، كما أن التشجيع بالغ الأهمية يحفِّزُ ويصنع دافعية (تعزيزات) مهمة، فيمكن للمدرِّسين والآباء والمعنيين بالإصلاح أن يشتغلوا عليها، أما التوقُّع السلبي فيؤثر سلبًا إذا صاحَبَه خمولٌ وكسل وتهاون في أداء الواجبات، أو عند غياب التَّخطيط الواضح المعالِم والممنهج.
google-playkhamsatmostaqltradent