الأحد 23 مارس 2014 - 09:15
أكد الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران، مؤخرا بمراكش، أن كل الخطوات التي تعزز الانفتاح الشخصي والقدرة على المبادرة ومهارات الإبداع، من شأنها أن تغمر المرء بالسعادة في حياته المهنية.
وأضاف في لقاء نظمه مركز الشباب المسير للمقاولات حول موضوع "وجهات نظر حول السعادة الوطنية الإجمالية" أن السعادة داخل المقاولة يمكن بلوغها أيضا عبر التضامن والمشاركة الجماعية بفضل تأكيد الذات والاندماج في المجموعة.
وأشار أب الفكر المركب، في هذا اللقاء الذي نظم بمناسبة اليوم العالمي للسعادة، إلى بعض المشاكل التي تحول دون بلوغ السعادة في الوسط المهني، موضحا أن "المشكل يتمثل اليوم في كون المقاولة ورثت بنية هرمية وسلطوية تعيق القدرة على المبادرة والإبداع والانخراط والمشاركة.
وعزا ذلك إلى الضغط القوي الناتج عن الانشغال بالمردودية والتنافسية المفروضة من قبل النمط التقنو-بيروقراطي الذي يتأثر بشكل أكبر، في إطار العولمة، بالأزمة الاقتصادية التي انطلقت سنة 2008.
وحذر موران في هذا السياق من التأثيرات السلبية لهذا الضغط على العمل والتي يمكن أن تؤدي إلى ما يطلق عليه "المعاناة في العمل" مبرزا بهذا الشأن عدم الترابط بين الإنتاجية والسعادة بقوله "يجب البحث عن نمط إنتاجي آخر بديل عن النمط الموجود اليوم"، داعيا في نفس الوقت إلى إعادة النظر في النظام التراتبي السائد داخل المقاولة.
واعتبر أن هذه البنية التراتبية ليست مرادفا لإعطاء الأوامر من أعلى إلى أسفل ولكن الأمر يتعلق، في نظره، بمستوى المسؤوليات التي يجب الحفاظ عليها، وإتاحة ردود الفعل، ملاحظا أن من شأن إصلاح النمط الإنتاجي والنظام التراتبي تحقيق تحسن حقيقي في إنتاجية المقاولة، بينما "التدابير التسلطية الصارمة لا تسمح باستخدام القدرات البشرية بشكل أمثل".
وأكد الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي أيضا، أنه لا يمكن أن نطمح إلى تحسن في مجال أنسنة المقاولة بدون اعتراف من طرف أرباب المقاولات "الذي يعتبر أساسيا للغاية".
وأبرز موران عند تطرقه إلى فكرة السعادة بشكل عام أهمية إيجاد التوازن الذي يمكن أن يفتح لنا أبواب هذه الحالة، مسجلا تعدد الوضعيات التي يمكن للفرد أن يكون فيها سعيدا والانتقال من كثافة الضغط والعاطفة واستعمال العقل والعلم في ممارسة العمل إلى الممارسة النشيطة والفنية.
واعتبر موارن أن هناك نصيبا من السعادة رهين بنا وآخر ليس رهينا بنا، مضيفا أن الرغبة والمرارة تجعل الفرد يشعر بالتعاسة بينما تفهم الآخر والجمال والقدرة على التشخيص الذاتي ومواجهة انعدام الثقة من شأنها أن تجلب السعادة التي ليست أبدية.
ويشغل إدغار موران الذي ازداد سنة 1921 منصب مدير البحث الفخري بالمركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا ودكتوراه شرفية لعدد من الجامعات في العالم. ولموران نحو 60 مؤلفا في الفلسفة وعلم الاجتماع حيث تهتم أعماله أساسا بالتأثيرات المعاصرة، خاصة في بلدان الحوض المتوسطي ودول أمريكا اللاتينية وآسيا.