رشيد أخريبيشنشر في هبة بريس يوم 02 - 12 - 2012
إذن ماذا يمكن لنا قراءته من هذا الإعلان ؟أو بالأحرى ما المقصود منه إذا كان موجه للأستاذ ؟لا شك أننا في بلد والحمد لله كل شيء فيه مؤجل إلى ما بعد الموت ،فالانتقال مؤجل ،والتعويضات على المناطق النائية مؤجلة ،والترقية مؤجلة بل حتى التفكير فيها أصبح أمرا مؤجلا عند نساء ورجال التعليم ،حيث لم يعد لديهم أدنى شك بأن ملفاتهم لن تفتح ولن يعاد فيها النظر وإن بلغوا من العمر عتيا،فالترقية لا تعلن عنها الوزارة إلا بعد موت هؤلاء مما ولد عند الأستاذ مصطلحا يتناسب وهذا التماطل في الترقية ،حيث اختير لها "ترقية الموتى"بمعنى أنها فقط للموتى أما الأحياء فلا حياة لمن تنادي .
من الواضح أن الحكومة المغربية لم تعد تقبل التعامل مع الأساتذة الأحياء وتلبي طلباتهم ،بل على العكس من ذلك من خلال التجارب تبين لنا جليا أن حكومتنا لا تفضل التعامل مع الأستاذ إلا بعد موته كي يتمكن من الحصول على حقه الافتراضي.
نفس السيناريوهات التي وقعت مع ملف الترقية ،تعاد مع الحركة الانتقالية التي أصبحت تؤرق الكثيرين من أسرة التعليم والذين لم يعد لديهم أمل في الاستفادة من حقهم هذا ،ليبقى الأستاذ هو الضحية أولا وأخيرا دون أن يتقاسم معه أحد بعضا من تلك المعاناة .
موضوع الترقية لم يعد الأستاذ يستطيع فهمه أو بالأحرى لم تعد وزارة التعليم تريد لهذا الأخير فهمه ،خاصة وأن هناك من يتحدث عن خروقات تقع في هذا القطاع بالجملة خاصة فيما يتعلق بعملية التنقيط ،التي غالبا ما تحرم العديد من رجال ونساء التعليم من حقهم في الترقية بالرغم من استكمالهم كل الشروط ،وتعطي الحق في المقابل للبعض دون أي وجه حق.
إذن المسألة واضحة وضوح الشمس لا تحتاج منا إلى مزيد من الجهد لفهمها،فحكومتنا ليست لديها نية في حل مشاكل الأستاذ ولا الاستجابة لمطالبه ،بل هدفها الوحيد هو استكمال مسلسل الضحك على الذقون الذي دأبت عليه والذي صار على نهجه أسلافهم "المنعمون" الذين كانوا هم من وضعوا الحجر الأساس لهذه المسرحيات الهزلية وجاءت هذه الحكومة لوضع عليها لمساتها الأخيرة وإخراجها إلى الوجود.
فلا غرابة أن تضم لائحة الترقية بالاختيار أسماء الأساتذة الذين وافتهم المنية، أو المتقاعدين منهم، ما دام أن حكومتنا قد عودتنا على ذلك منذ أمد بعيد في تعاملها مع جميع الملفات .
لا عجب بعد هذا الاستخفاف بالأستاذ وبحقوقه المشروعة أن يصنف تعليمنا في ذيل التصنيفات العالمية ،ولا عجب أن يكون الفشل هو سيد الموقف في منظومتنا التعليمية التي تئن من سياسات لا مسؤولة كانت هي السبب في تدني هذه المنظومة.
تذهب حكومات وتأتي حكومات دون أن تغير شيئا من خارطة منظومتنا التعليمية فالنتيجة دائما واحدة فشل بالجملة واسطوانات يتم إعادتها على مسامع المغاربة يكون بطلها الأستاذ الذي تشار إليه العيونوتضعه في قفص الاتهام لوحده .
الحكومة المغربية غالبا ما تتساءل عن الفشل في هذه المنظومة دون أن تبحث عن مكامن الخلل ،حيث سطرت أهدافها نحو الهجوم على الأستاذ الذي أصبح المتهم الأول في نظر الجميع دون أن تعير اهتماما لأوضاعه ولا لظروف عمله.
المنظومة التعليمية المغربية لن يتم تقويمها بالشعارات ولن يتم إصلاحها بالوعود الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع ،بل على العكس من ذلك فالإصلاح يجب أن يشمل كل الأطراف المتدخلة في قطاع التعليم بما في ذلك التركيز على الأستاذ باعتباره أساس ومحور تطور المنظومة التعليمة ككل.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.